وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَمِنَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَلَا تُسَجَّرُ فِيهِ جَهَنَّمُ، وَفِيهِ يَزُورُ أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ تَعَالَى:
بَابُ الْعِيدَيْنِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ لِلَّهِ فِيهِ عَوَائِدَ الْإِحْسَانِ وَلِعَوْدِهِ بِالسُّرُورِ غَالِبًا
ــ
[رد المحتار]
وَمَا فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَهِيَ أَحْكَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. اخْتَصَّ بِأَحْكَامِ لُزُومِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لَهَا وَكَوْنِهَا ثَلَاثَةً سِوَى الْإِمَامِ وَكَوْنِهَا قَبْلَهَا شَرْطٌ، وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِهَا وَتَحْرِيمُ السَّفَرِ قَبْلَهَا بِشَرْطِهِ وَاسْتِنَانُ الْغُسْلِ لَهَا وَالتَّطَيُّبِ وَلُبْسُ الْأَحْسَنِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَحَلْقُ الشَّعْرِ وَلَكِنْ بَعْدَهَا أَفْضَلُ وَالْبَخُورُ فِي الْمَسْجِدِ وَالتَّكْبِيرُ لَهَا وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ إلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ وَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهَا وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ وَإِفْرَادُ لَيْلَتِهِ بِالْقِيَامِ وَقِرَاءَةُ الْكَهْفِ فِيهِ وَنَفْيُ كَرَاهَةِ النَّافِلَةِ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُصَحَّحِ الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ خَيْرُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَيَوْمُ عِيدٍ وَفِيهِ سَاعَةُ إجَابَةٍ وَتَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَرْوَاحُ وَتُزَارُ الْقُبُورُ وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمَنْ مَاتَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَمِنَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وَلَا تُسَجَّرُ فِيهِ جَهَنَّمُ وَفِيهِ خُلِقَ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ وَفِيهِ يَزُورُ أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. اهـ. ح.
قُلْت: وَقَوْلُهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهَا قَدَّمْنَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدَّمْنَا أَيْضًا تَرْجِيحَ قَوْلِ الْإِمَامِ بِكَرَاهَةِ النَّافِلَةِ فِي وَقْتِ الِاسْتِوَاءِ يَوْمَهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيَأْمَنُ الْمَيِّتُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ إلَخْ) قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةُ: عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ وَسُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ حَقٌّ لَكِنْ إنْ كَانَ كَافِرًا فَعَذَابُهُ يَدُومُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيُرْفَعُ عَنْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهْرَ رَمَضَانَ فَيُعَذَّبُ اللَّحْمُ مُتَّصِلًا بِالرُّوحِ وَالرُّوحُ مُتَّصِلًا بِالْجِسْمِ فَيَتَأَلَّمُ الرُّوحُ مَعَ الْجَسَدِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُ، وَالْمُؤْمِنُ الْمُطِيعُ لَا يُعَذَّبُ بَلْ لَهُ ضَغْطَةٌ يَجِدُ هَوْلَ ذَلِكَ وَخَوْفَهُ وَالْعَاصِي يُعَذَّبُ وَيُضْغَطُ لَكِنْ يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهَا ثُمَّ لَا يَعُودُ وَإِنْ مَاتَ يَوْمَهَا أَوْ لَيْلَتَهَا يَكُونُ الْعَذَابُ سَاعَةً وَاحِدَةً وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ ثُمَّ يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْمُعْتَقَدَاتِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمُعِينِ النَّسَفِيِّ الْحَنَفِيِّ مِنْ حَاشِيَةِ الْحَنَفِيِّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَلَا تُسَجَّرُ) فِي جَامِعِ اللُّغَةِ: سَجَّرَ التَّنُّورَ أَحْمَاهُ ح (قَوْلُهُ وَفِيهِ يَزُورُ أَهْلُ الْجَنَّةِ رَبَّهُمْ تَعَالَى) الْمُرَادُ بِالزِّيَارَةِ الرُّؤْيَةُ لَهُ تَعَالَى، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ يَرَاهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَالْبَعْضُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ النِّسَاءَ لَا يَرَيْنَهُ إلَّا فِي مِثْلِ أَيَّامِ الْأَعْيَادِ عِنْدَ التَّجَلِّي الْعَامِّ، وَتَمَامُهُ فِي ط، نَسْأَلُهُ - تَعَالَى - أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ رُؤْيَتِهِ آمِينَ.
[بَابُ الْعِيدَيْنِ]
ِ تَثْنِيَةُ عِيدٍ، وَأَصْلُهُ عِوْدٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ اهـ ح. وَفِي الْجَوْهَرَةِ مُنَاسَبَتُهُ لِلْجُمُعَةِ ظَاهِرَةٌ وَهُوَ أَنَّهُمَا يُؤَدَّيَانِ بِجَمْعٍ عَظِيمٍ وَيُجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ وَيُشْتَرَطُ لِأَحَدِهِمَا مَا يُشْتَرَطُ لِلْآخَرِ سِوَى الْخُطْبَةِ، وَتَجِبُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَقُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ لِلْفَرْضِيَّةِ وَكَثْرَةِ وُقُوعِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ إلَخْ) أَيْ سُمِّيَ الْعِيدُ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ لِلَّهِ - تَعَالَى - فِيهِ عَوَائِدَ الْإِحْسَانِ أَيْ أَنْوَاعَ الْإِحْسَانِ الْعَائِدَةَ عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ عَامٍ: مِنْهَا الْفِطْرُ بَعْدَ الْمَنْعِ عَنْ الطَّعَامِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَإِتْمَامُ الْحَجِّ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَالنَّشَاطُ وَالْحُبُورُ غَالِبًا بِسَبَبِ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute