وَيُكْرَهُ التَّخَطِّي لِلسُّؤَالِ بِكُلِّ حَالٍ «وَسُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ: مَا بَيْنَ جُلُوسِ الْإِمَامِ إلَى أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ» وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقِيلَ: وَقْتُ الْعَصْرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَشَايِخُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِيهَا سُئِلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَمْ يَوْمُهَا؟ فَقَالَ: يَوْمُهَا ذُكِرَ فِي إحْكَامَاتِ الْأَشْبَاهِ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ يَوْمُهَا قِرَاءَةُ الْكَهْفِ فِيهِ وَمَنْ فَهِمَ عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ، وَإِفْرَادُ لَيْلَتِهِ بِالْقِيَامِ فَقَدْ وَهَمَ، وَفِيهِ تَجْتَمِعُ الْأَرْوَاحُ وَتُزَارُ الْقُبُورُ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى سُؤَالِ الْمَسْجِدِ
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ التَّخَطِّي لِلسُّؤَالِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ السَّائِلَ إنْ كَانَ لَا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَلَا يَتَخَطَّى الرِّقَابَ وَلَا يَسْأَلُ إلْحَافًا بَلْ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِالسُّؤَالِ وَالْإِعْطَاءِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِيهَا وَلَا يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ إذَا لَمْ يَكُونُوا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ الْعِيَاضِيُّ: أَرْجُو أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِمَنْ يُخْرِجُهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَعَنْ الْإِمَامِ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ: لَوْ كُنْت قَاضِيًا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَةَ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَصْرِفِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يَسْأَلَ شَيْئًا مَنْ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ كَالصَّحِيحِ الْمُكْتَسِبِ وَيَأْثَمُ مُعْطِيهِ إنْ عَلِمَ بِحَالَتِهِ لِإِعَانَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّمِ. مَطْلَبٌ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
(قَوْلُهُ وَسُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَخْ) ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» وَفِي هَذِهِ السَّاعَةِ أَقْوَالٌ. أَصَحُّهَا أَوْ مِنْ أَصَحِّهَا أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ يَقْضِيَ الصَّلَاةَ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا حِلْيَةٌ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: فَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسُّكُوتِ. اهـ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ مُرَادُ الْمَشَايِخِ. وَنُقِلَ ط عَنْ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مُصَحَّحَانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ قَوْلًا فِيهَا وَأَنَّهَا دَائِرَةٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ فَيَنْبَغِي الدُّعَاءُ فِيهِمَا. اهـ. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ يَخْتَلِفُ وَقْتُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ بَلْدَةٍ وَكُلِّ خَطِيبٍ لِأَنَّ النَّهَارَ فِي بَلْدَةٍ يَكُونُ لَيْلًا فِي غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي بَلَدٍ يَكُونُ وَقْتَ عَصْرٍ فِي غَيْرِهَا لِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تَتَحَرَّكُ دَرَجَةً إلَّا وَهِيَ تَطْلُعُ عِنْدَ قَوْمٍ وَتَغِيبُ عِنْدَ آخَرِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ مَا اخْتَصَّ بِهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ
(قَوْلُهُ فَقَالَ يَوْمُهَا) تَمَامُ كَلَامِهِ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا اللَّيْلِ وَفَضْلِهِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ فِي أَحْكَامَاتٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَحْكَامٍ، فَإِنَّ تَرَاجِمَهُ فِي فَنِّ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ. الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ السَّفَرِ. الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَحْكَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ح (قَوْلُهُ قِرَاءَةُ الْكَهْفِ) أَيْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، وَالْأَفْضَلُ فِي أَوَّلِهِمَا مُبَادَرَةً لِلْخَيْرِ وَحَذَرًا مِنْ الْإِهْمَالِ وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْهَا فِيهِمَا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُضِيءُ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ وَلِخَبَرِ الدَّارِمِيِّ أَنَّ الثَّانِي يُضِيءُ لَهُ مِنْ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ فَهِمَ) كَالْمُحَشِّي الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ نَهَى عَنْهُ ط (قَوْلُهُ: فَقَدْ وَهَمَ) وَلْنَذْكُرْ عِبَارَتَهُ بِرُمَّتِهَا لِيُعْلَمَ مَوْضِعُ الْوَهَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute