للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ]

يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَمَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ لِأَنَّ عَلِيًّا تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلَاةِ فَمَدَحَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ - {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: ٥٥]-. .

(أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) وَجَازَ التَّسْمِيَةُ بِعَلِيٍّ وَرَشِيدٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَيُرَادُ فِي حَقِّنَا غَيْرُ مَا يُرَادُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ التَّسْمِيَةَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا أَوْلَى لِأَنَّ الْعَوَّامَ يُصَغِّرُونَهَا عِنْدَ النِّدَاءِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَفِيهَا (وَمَنْ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» قَدْ نُسِخَ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَنَّى ابْنَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَبَا الْقَاسِمِ.

ــ

[رد المحتار]

[فَرْعٌ يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلِ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ]

قَوْلُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ) أَيْ وَلَمْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّينً قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: فَإِنْ كَانَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّينَ، وَيَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى أَذَى النَّاسِ، حَتَّى قِيلَ: هَذَا فَلْسٌ لَا يُكَفِّرُهُ سَبْعُونَ فَلْسًا اهـ. وَقَالَ ط فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّخَطِّي الَّذِي يَلْزَمُهُ غَالِبًا الْإِيذَاءُ وَإِذَا كَانَتْ هُنَاكَ فُرْجَةٌ يَمُرُّ مِنْهَا لَا تُخَطَّى فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ وَهِيَ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ فَتَمَّ الدَّلِيلُ أَوْ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، فَلَأَنْ تَجُوزَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ دُونَهَا أَوْلَى ط

(قَوْلُهُ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَخْ) هَذَا لَفْظُ حَدِيثٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا. قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ: أَفْضَلُ مُطْلَقًا حَتَّى مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَفْضَلُهَا بَعْدَهُمَا مُحَمَّدٌ، ثُمَّ أَحْمَدُ ثُمَّ إبْرَاهِيمُ اهـ. وَقَالَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَيُلْحَقُ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ أَيْ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا كَانَ مِثْلُهُمَا كَعَبْدِ الرَّحِيمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَتَفْضِيلُ التَّسْمِيَةِ بِهِمَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ التَّسَمِّيَ بِالْعُبُودِيَّةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ عَبْدَ شَمْسٍ وَعَبْدَ الدَّارِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ اسْمَ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ الْأَسْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَرْ لِنَبِيِّهِ إلَّا مَا هُوَ أَحَبُّ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ اهـ. وَوَرَدَ " «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا كَانَ هُوَ وَمَوْلُودُهُ فِي الْجَنَّةِ» رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أُمَامَةَ رَفَعَهُ قَالَ السُّيُوطِيّ: هَذَا أَمْثَلُ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ اهـ. وَقَالَ السَّخَاوِيُّ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ خَيْرُ الْأَسْمَاءِ مَا عُبِّدَ وَمَا حُمِّدَ فَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ وَجَازَ التَّسْمِيَةُ بِعَلِيٍّ إلَخْ) الَّذِي فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ يُوجَدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْعَلِيِّ وَالْكَبِيرِ وَالرَّشِيدِ وَالْبَدِيعِ جَائِزَةٌ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْهَا وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ وَلَوْ مُعَرَّفًا بِأَلْ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ التَّسْمِيَةَ إلَخْ) قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَا أُحِبُّ لِلْعَجَمِ أَنْ يُسَمُّوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَعَبْدَ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ تَفْسِيرَهُ، وَيُسَمُّونَهُ بِالتَّصْغِيرِ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَهَذَا مُشْتَهِرٌ فِي زَمَانِنَا، حَيْثُ يُنَادُونَ مَنْ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ أَوْ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَثَلًا فَيَقُولُونَ: رُحَيِّمٌ وَكُرَيِّمٌ وَعُزَيِّزٌ بِتَشْدِيدِ يَاءِ التَّصْغِيرِ وَمَنْ اسْمُهُ عَبْدُ الْقَادِرِ قُوَيْدِرٌ وَهَذَا مَعَ قَصْدِهِ كُفْرٌ. فَفِي الْمُنْيَةِ: مَنْ أَلْحَقَ أَدَاةَ التَّصْغِيرِ فِي آخِرِ اسْمِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا أُضِيفَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى إنْ قَالَ ذَلِكَ عَمْدًا كَفَرَ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ وَلَا قَصْدَ لَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَمَنْ سَمِعَ مِنْهُ ذَلِكَ يَحِقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ اهـ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: رَحْمُونٌ لِمَنْ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَعْضُهُمْ كَالتُّرْكُمَانِ يَقُولُ حمور، وحسو لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَحَسَنٌ، وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ الْأَوْلَى لَهُمْ تَرْكُ التَّسْمِيَةِ بِالْأَخِيرَيْنِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا تَكَنَّوْا) بِفَتْحِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مَاضِي تَكَنَّى، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ أَيْ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُنَادُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَإِذَا الْتَفَتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا لَا نَعْنِيك ط لَكِنَّ قَوْلَهُ مَاضِي تَكَنَّى صَوَابُهُ مُضَارِعُ تَكَنَّى كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ قَدْ نُسِخَ) لَعَلَّ وَجْهَهُ زَوَالُ عِلَّةِ النَّهْيِ السَّابِقَةِ بِوَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَأَمَّلْ.

[تَتِمَّةٌ]

التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ لَمْ يَذْكُرْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي عِبَادَةٍ وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ الْمُسْلِمُونَ تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ. وَرُوِيَ: إذَا وُلِدَ لِأَحَدِكُمْ وَلَدٌ فَمَاتَ فَلَا يَدْفِنْهُ حَتَّى يُسَمِّيَهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا بِاسْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>