للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأَنْ تَدْعُوَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِاسْمِهِ) اهـ بِلَفْظِهِ. .

(وَ) فِيهَا يُكْرَهُ (الْكَلَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلْفَ الْجِنَازَةِ وَفِي الْخَلَاءِ وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ) وَزَادَ أَبُو اللَّيْثِ: فِي الْبُسْتَانِ وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَزَادَ فِي الْمُلْتَقَى تَبَعًا لِلْمُخْتَارِ: وَعِنْدَ التَّذْكِيرِ

ــ

[رد المحتار]

الذَّكَرِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَبِاسْمِ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَبِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا: وَلَوْ كَنَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِأَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ وَعَامَّتُهُمْ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ بِهِ التَّفَاؤُلَ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

«وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغَيِّرُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ إلَى الْحَسَنِ جَاءَهُ رَجُلٌ يُسَمَّى أَصْرَمُ فَسَمَّاهُ زُرْعَةَ وَجَاءَهُ آخَرُ اسْمُهُ الْمُضْطَجِعُ فَسَمَّاهُ الْمُنْبَعِثَ، وَكَانَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِنْتٌ تُسَمَّى عَاصِيَةً فَسَمَّاهَا جَمِيلَةً» ، وَلَا يُسَمَّى الْغُلَامُ يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجَاحًا وَلَا بِأَفْلَحَ وَلَا بَرَكَةَ فَلَيْسَ مِنْ الْمَرَضِيِّ أَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ عِنْدَك بَرَكَةٌ فَتَقُول لَا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَسْمَاءِ، وَلَا يُسَمِّيهِ حَكِيمًا، وَلَا أَبَا الْحَكَمِ وَلَا أَبَا عِيسَى وَلَا عَبْدَ فُلَانٍ وَلَا يُسَمِّيهِ بِمَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ نَحْوِ الرَّشِيدِ وَالْأَمِينِ فُصُولُ الْعَلَامِيِّ. أَيْ لِأَنَّ الْحَكَمَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَلَا يَلِيقُ إضَافَةُ الْأَبِ إلَيْهِ أَوْ إلَى عِيسَى.

أَقُولُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا عَبْدَ فُلَانٍ مَنْعُ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ النَّبِيِّ وَنَقَلَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ بِالْجَوَازِ بِقَصْدِ التَّشْرِيفِ بِالنِّسْبَةِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْمَنْعِ خَشْيَةَ اعْتِقَادِ حَقِيقَةِ الْعُبُودِيَّةِ كَمَا لَا يَجُوزُ عَبْدُ الدَّارِ اهـ. وَمِنْ قَوْلِهِ وَلَا بِمَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ الْمَنْعُ عَنْ نَحْوِ مُحْيِي الدِّينِ وَشَمْسِ الدِّينِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ وَأَلَّفَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ مُؤَلَّفًا وَصَرَّحَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

أَرَى الدِّينَ يَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ يُرَى ... وَهَذَا لَهُ فَخْرٌ وَذَاكَ نَصِيرُ

فَقَدْ كَثُرَتْ فِي الدِّينِ أَلْقَابُ عُصْبَةٍ ... هُمْ فِي مَرَاعِي الْمُنْكَرَاتِ حَمِيرُ

وَإِنِّي أُجِّلَ الدِّينَ عَنْ عِزِّهِ بِهِمْ ... وَأَعْلَمُ أَنَّ الذَّنْبَ فِيهِ كَبِيرُ

وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ مَنْ يُلَقِّبُهُ بِمُحْيِي الدِّينِ، وَيَقُولُ لَا أَجْعَلُ مَنْ دَعَانِي بِهِ فِي حِلٍّ وَمَالَ إلَى ذَلِكَ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الشَّيْخُ سِنَانٌ فِي كِتَابِهِ تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ، وَأَقَامَ الطَّامَّةَ الْكُبْرَى عَلَى الْمُتَّسِمِينَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ مِنْ التَّزْكِيَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْقُرْآنِ. وَمِنْ الْكَذِبِ قَالَ وَنَظِيرُهُ مَا يُقَالُ لِلْمُدَرِّسِينَ بِالتُّرْكِيِّ أَفَنْدِي وَسُلْطَانٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ مَجَازَاتٌ صَارَتْ كَالْأَعْلَامِ، فَخَرَجَتْ عَنْ التَّزْكِيَةِ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا يَرُدُّهُ مَا يُشَاهَدُ مِنْ أَنَّهُ إذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ وَجَدَ عَلَى مَنْ نَادَاهُ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّزْكِيَةَ بَاقِيَةٌ، وَقَدْ كَانَ الْكِبَارُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ يُنَادَوْنَ بِأَعْلَامِهِمْ وَلَمْ يُنْقَلْ كَرَاهَتُهُمْ لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ تَرْكُ تَعْظِيمٍ لِلْعِلْمِ وَأَهْلِهِ لَنَهَوْا عَنْهُ مَنْ نَادَاهُمْ بِهَا اهـ. مُلَخَّصًا. وَقَدْ أَطَالَ بِمَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ.

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إلَخْ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يُفِيدُ التَّعْظِيمَ كَيَا سَيِّدِي وَنَحْوِهِ لِمَزِيدِ حَقِّهِمَا عَلَى الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّزْكِيَةِ، لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْمَدْعُوِّ بِأَنْ يَصِفَ نَفْسَهُ بِمَا يُفِيدُهَا لَا إلَى الدَّاعِي الْمَطْلُوبِ مِنْهُ التَّأَدُّبُ مَعَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ.

(قَوْلُهُ وَفِيهَا) أَيْ فِي السِّرَاجِيَّةِ (وَقَوْلُهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي الْمَسْجِدِ) وَرَدَ «أَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» وَحَمَلَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا إذَا جَلَسَ لِأَجْلِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُبَاحِ لَا فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ وِزْرًا (قَوْلُهُ وَخَلْفَ الْجِنَازَةِ) أَيْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ قُبَيْلَ الْمُسَابَقَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْخَلَاءِ) لِأَنَّهُ يُورِثُ الْمَقْتَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ط (قَوْلُهُ وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ) لِأَنَّ مَبْنِيٌّ عَلَى السِّتْرِ، وَكَانَ يَأْمُرُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ بِالْأَدَبِ ط.

وَذَكَرَ فِي الشِّرْعَةِ: أَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ فِي حَالَةِ الْوَطْءِ فَإِنَّ مِنْهُ خَرَسُ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ التَّذْكِيرِ) أَيْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَيْسَ الْمُرَادُ رَفْعَ الْوَاعِظِ صَوْتَهُ عِنْدَ الْوَعْظِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ رَفْعُ بَعْضِ الْقَوْمِ صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>