للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ النَّفْلِ. بِنَاءُ الرِّبَاطِ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ النَّفْلِ.

وَاخْتُلِفَ فِي الصَّدَقَةِ وَرَجَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَفْضَلِيَّةَ الْحَجِّ لِمَشَقَّتِهِ فِي الْمَالِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا، قَالَ: وَبِهِ أَفْتَى أَبُو حَنِيفَةَ حِينَ حَجَّ وَعَرَفَ الْمَشَقَّةَ.

لِوَقْفَةِ الْجُمُعَةَ مَزِيَّةُ سَبْعِينَ حَجَّةٍ. وَيُغْفَرُ فِيهَا لِكُلِّ فَرْدٍ بِلَا وَاسِطَةٍ.

ضَاقَ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَالْوُقُوفِ يَدَعُ الصَّلَاةَ وَيَذْهَبُ لِعَرَفَةَ لِلْحَرَجِ.

ــ

[رد المحتار]

إذْنٍ مِمَّنْ يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ أَيْ كَأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ الْمُحْتَاجِ إلَى خِدْمَتِهِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ كَالْأَبَوَيْنِ عِنْدَ فَقْدِهِمَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّفْلِ) أَيْ فَإِنَّ طَاعَتَهُمَا أَوْلَى مِنْهُ مُطْلَقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ

[مَطْلَبٌ فِي تَفْضِيلِ الْحَجِّ عَلَى الصَّدَقَةِ]

ِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَفْضَلِيَّةَ الْحَجِّ) حَيْثُ قَالَ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ تَطَوُّعًا، كَذَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ لَكِنَّهُ لَمَّا حَجَّ وَعَرَفَ الْمَشَقَّةَ أَفْتَى بِأَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَوْ حَجَّ نَفْلًا وَأَنْفَقَ أَلْفًا فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ فَهُوَ أَفْضَلُ لَا أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً فَلَيْسَ أَفْضَلَ مِنْ إنْفَاقِ أَلْفٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَشَقَّةُ فِي الْحَجِّ لَمَّا كَانَتْ عَائِدَةً إلَى الْمَالِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا فُضِّلَ فِي الْمُخْتَارِ عَلَى الصَّدَقَةِ. اهـ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ، فَمَا كَانَتْ الْحَاجَةُ فِيهِ أَكْثَرَ وَالْمَنْفَعَةُ فِيهِ أَشْمَلَ فَهُوَ الْأَفْضَلُ كَمَا وَرَدَ «حَجَّةٌ أَفْضَلُ مِنْ عَشْرِ غَزَوَاتٍ» وَوَرَدَ عَكْسُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا كَانَ أَنْفَعَ، فَإِذَا كَانَ أَشْجَعَ وَأَنْفَعَ فِي الْحَرْبِ فَجِهَادُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَحَجُّهُ أَفْضَلُ، وَكَذَا بِنَاءُ الرِّبَاطِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَحَجِّ النَّفْلِ وَإِذَا كَانَ الْفَقِيرُ مُضْطَرًّا أَوْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ أَوْ مِنْ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ يَكُونُ إكْرَامُهُ أَفْضَلَ مِنْ حَجَّاتٍ وَعُمَرَ وَبِنَاءِ رُبُطٍ. كَمَا حَكَى فِي الْمُسَامَرَاتِ عَنْ رَجُلٍ أَرَادَ الْحَجَّ فَحَمَلَ أَلْفَ دِينَارٍ يَتَأَهَّبُ بِهَا فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَتْ لَهُ إنِّي مِنْ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِي ضَرُورَةٌ فَأَفْرَغَ لَهَا مَا مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ حُجَّاجُ بَلَدِهِ صَارَ كُلَّمَا لَقِيَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْك، فَتَعَجَّبَ مِنْ قَوْلِهِمْ، فَرَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَوْمِهِ وَقَالَ لَهُ: تَعَجَّبْت مِنْ قَوْلِهِمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْك؟ قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قَالَ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَ مَلَكًا عَلَى صُورَتِك حَجَّ عَنْك؛ وَهُوَ يَحُجُّ عَنْك إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِإِكْرَامِك لِامْرَأَةٍ مُضْطَرَّةٍ مِنْ آلِ بَيْتِي؛ فَانْظُرْ إلَى هَذَا الْإِكْرَامِ الَّذِي نَالَهُ لَمْ يَنَلْهُ بِحَجَّاتٍ وَلَا بِبِنَاءِ رُبُطٍ.

[مَطْلَبٌ فِي فَضْلِ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ]

ِ (قَوْلُهُ لَوَقْفَةُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ: «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ إذَا وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةٍ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ» ؛ رَوَاهُ رَزِينُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي تَجْرِيدِ الصِّحَاحِ اهـ لَكِنْ نَقَلَ الْمُنَاوِيُّ عَنْ بَعْضِ الْحُفَّاظِ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. نَعَمْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ إذَا وَافَقَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ غُفِرَ لِكُلِّ أَهْلِ عَرَفَةَ؛ وَهُوَ أَفْضَلُ يَوْمٍ فِي الدُّنْيَا؛ وَفِيهِ «حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ؛ وَكَانَ وَاقِفًا إذْ نَزَلَ قَوْلُهُ - {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣]- فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: لَوْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: عَلَيْنَا لَجَعَلْنَاهُ يَوْمَ عِيدٍ؛ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَشْهَدُ لَقَدْ أُنْزِلَتْ فِي يَوْمِ عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ: يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ» :. اهـ. (قَوْلُهُ بِلَا وَاسِطَةٍ) فِي الْمَنْسَكِ الْكَبِيرِ لِلسِّنْدِيِّ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ يُغْفَرُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْوَقْفِ مُطْلَقًا فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ قِيلَ لِأَنَّهُ يَغْفِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>