لَكِنْ مَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ لَا يُضْرَبُ الْمَحْبُوسُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ يُفِيدُهُ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى وَسَيَجِيءُ حَبْسُ الْوَلِيِّ بِدَيْنِ الصَّغِيرِ
(لَا) يُحْبَسُ (أَصْلٌ) وَإِنْ عَلَا (فِي دَيْنِ فَرْعِهِ) بَلْ يَقْضِي الْقَاضِي دَيْنَهُ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمَا بَيْعُ عَقَارِهِ كَمَنْقُولِهِ بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ.
(وَلَا يَسْتَحْلِفُ قَاضٍ) نَائِبًا (إلَّا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ) صَرِيحًا كُولِ مَنْ شِئْت أَوْ دَلَالَةً كَجَعَلْتُكَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ، وَالدَّلَالَةُ هُنَا أَقْوَى؛ لِأَنَّ فِي التَّصْرِيحِ الْمَذْكُورِ يَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ لَا الْعَزْلَ وَفِي الدَّلَالَةِ يَمْلِكُهُمَا
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَا تُفِيدُ عَدَمَ الْحَبْسِ فِي نَفَقَةِ غَيْرِ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ مَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: يُفِيدُهُ) أَيْ يُفِيدُ حَبْسُهُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ الْمَحْرَمِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَحْبُوسِ.
(قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى) أَيْ حَيْثُ حَصَلَ الِاضْطِرَابُ فِي فَهْمِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ كَلَامِهِمْ فَلَا تَعْجَلْ فِي الْفَتْوَى. قُلْت: وَبِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ زَالَ الِاضْطِرَابُ وَاتَّضَحَ الْجَوَابُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي آخِرِ الْبَابِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: لَا يُحْبَسُ أَصْلٌ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ جَدَّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ وَلَدِ بِنْتِهِ، فَكَذَا لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ، وَقَيَّدَ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُحْبَسُ بِدَيْنِ أَصْلِهِ، وَكَذَا الْقَرِيبُ بِدَيْنِ قَرِيبِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ بَحْرٌ، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ نَظْمًا جَمَاعَةً مِمَّنْ لَا يُحْبَسُ وَسَيَأْتِي عِدَّتُهُمْ عَشَرَةً.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَقْضِي الْقَاضِي إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْحَبْسِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ لَكِنْ يَبِيعُ الْقَاضِي مَالَ الْأَبِ لِقَضَاءِ دَيْنِ ابْنِهِ إذَا امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا الْبَيْعُ وَإِلَّا ضَاعَ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى لَا يُحْبَسُ الْأَبُ إلَّا إذَا تَمَرَّدَ عَلَى الْحَاكِمِ اهـ، لَكِنْ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي دَيْنَهُ يُغْنِي عَنْ حَبْسِهِ ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عَيْنِ مَالِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ قِيمَتِهِ أَيْ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ وَالْمَالُ دَنَانِيرَ فَتُبَاعُ الدَّنَانِيرُ بِالدَّرَاهِمِ وَيَقْضِي بِهَا الدَّيْنَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَصَاحِبِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ إلَخْ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَبِيعُ عِنْدَهُمَا الْمَنْقُولَ دُونَ الْعَقَارِ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلَا يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَلَا الْعَقَارَ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُمَا.
[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَخْلِفُ قَاضٍ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِعُذْرٍ بَحْرٌ عَنْ الْعِنَايَةِ فَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ وَقَعَتْ لَهُ حَادِثَةٌ فَلَا يَسْتَخْلِفُ بِلَا تَفْوِيضٍ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ الْقَاضِي إذَا وَقَعَتْ لَهُ حَادِثَةٌ أَوْ لِوَلَدِهِ فَأَنَابَ غَيْرَهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِنَابَةِ وَتَخَاصَمَا عِنْدَهُ وَقُضِيَ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ جَازَ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ سُئِلْت عَنْ صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي ابْنَهُ قَاضِيًا حَيْثُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ بِالِاسْتِخْلَافِ فَأَجَبْت بِنَعَمْ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الِاسْتِخْلَافَ مَا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الْخَلِيفَةِ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ أَوْ مُخَالِفًا ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ بِالِاسْتِخْلَافِ يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّ قَضَائِهِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِذَلِكَ، وَسُئِلْت عَنْهُ فَأَجَبْت بِذَلِكَ اهـ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَصِيرُ قَاضِيًا إذَا بَلَغَ إلَى الْمَوْضِعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَبْلُغْ هُوَ الْبَلَدَ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ نَائِبَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِيَتَعَرَّفَ عَنْ أَحْوَالِ النَّاسِ اهـ، فَالْأَوَّلُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ مِنْ السُّلْطَانِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ، اهـ مُلَخَّصًا قُلْت: وَمَا نَقَلَهُ ثَانِيًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ لَهُ الْإِنَابَةَ قَبْلَ وُصُولِهِ، وَالتَّعْلِيلُ بِالتَّعَرُّفِ عَنْ أَحْوَالِ النَّاسِ لَا يُنَافِي أَنَّ لِلنَّائِبِ الْقَضَاءَ قَبْلَ وُصُولِ الْمُنِيبِ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّفَ يَكُونُ بِالْقَضَاءِ فَحِينَئِذٍ إذَا وَصَلَ نَائِبُهُ، فَالظَّاهِرُ انْعِزَالُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُنِيبِ، وَقَدْ عَلَّلُوا لِعَدَمِ انْعِزَالِ الْأَوَّلِ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي بِصِيَانَةِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ تَعْطِيلِ قَضَايَاهُمْ وَبِوُصُولِ نَائِبِ الثَّانِي لَا تَتَعَطَّلُ قَضَايَاهُمْ وَحَيْثُ كَانَ الْوَاقِعُ الْآنَ هُوَ الْإِذْنُ مِنْ السُّلْطَانِ فَلَا كَلَامَ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ) وَمِثْلُهُ نَائِبُ الْقَاضِي قَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْخَلِيفَةُ إذَا أَذِنَ