للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَسَيَجِيءُ فِي الْحَجْرِ أَنَّهُ يُبَاعُ مَالُهُ لِدَيْنِهِ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ حَبْسُهُ فَتَنَبَّهْ.

(وَلَا يُحْبَسُ لِمَا مَضَى مِنْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ) إذَا ادَّعَى الْفَرْقَ وَإِنْ قَضَى بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلَ مَالٍ وَلَا لَزِمَتْهُ بِعَقْدٍ عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى يَسَارِهِ حُبِسَ بِطَلَبِهَا (بَلْ يُحْبَسُ إذَا) بَرْهَنَتْ عَلَى يَسَارِهِ بِطَلَبِهَا كَمَا لَوْ (أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا) أَوْ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ فَيُحْبَسُ إحْيَاءً لَهُمْ بَحْرٌ. قُلْت: وَهَلْ يُحْبَسُ لِمَحْرَمِهِ لَوْ أَبَى؟ لَمْ أَرَهُ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ لَا

ــ

[رد المحتار]

قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ أَعَمُّ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا ضِمْنِيَّةٌ لَا صَرِيحَةٌ بَلْ الصَّرِيحُ مِنْهَا قَصْدُ إدَامَةِ حَبْسِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ فِي الْحَجْرِ) قَدَّمْنَا عِبَارَتَهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ حَبْسُهُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا وَكَذَا عَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ مَالُهُ غَيْرَ عَقَارٍ وَلَا عَرْضٍ بَلْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ، وَلَوْ خِلَافَ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُحْبَسُ لِمَا مَضَى إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا، فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا سَقَطَتْ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُدَّةِ شَهْرٌ فَأَكْثَرُ، وَكَذَا نَفَقَةُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُسْتَدَانَةً بِأَمْرِ قَاضٍ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ هَذَا حَاصِلُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي النَّفَقَاتِ. لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الصَّغِيرِ كَالزَّوْجَةِ نَقَلَهُ هُنَاكَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَلِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالذَّخِيرَةِ وَشَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَالْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالْأَرْحَامِ إذَا قُضِيَ بِهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ سَقَطَتْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُضِيَ بِهَا) أَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْضَ بِهَا لَا يُحْبَسُ بِهَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا أَصْلًا، وَأَمَّا إذَا قُضِيَ بِهَا وَمِثْلُهُ الرِّضَا فَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلَ مَالٍ وَلَا مُلْتَزِمًا بِعَقْدٍ عَلَى مَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِهِ إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ بَرْهَنَتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ.

(قَوْلُهُ: حُبِسَ بِطَلَبِهَا) أَيْ بِطَلَبِهَا حَبْسَهُ إنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مَقْضِيًّا بِهَا أَوْ مُتَرَاضِيًا عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا) أَيْ كَمَا يُحْبَسُ الْمُوسِرُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الْفَقِيرِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَفَهِمَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ عَنْ الْبَالِغِ الزَّمِنِ الْفَقِيرِ وَقَالَ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى فَيُحْبَسُ أَبُوهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَيَتَحَقَّقُ الِامْتِنَاعُ بِأَنْ تُقَدِّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، مِنْ يَوْمِ فَرْضِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ مِقْدَارُ النَّفَقَةِ قَلِيلًا كَالدَّانِقِ إذَا رَأَى الْقَاضِي فَأَمَّا بِمُجَرَّدِ فَرْضِهَا لَوْ طَلَبَتْ حَبْسَهُ لَمْ يَحْبِسْهُ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ تُسْتَحَقُّ بِالظُّلْمِ، وَهُوَ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَلَمْ يُنْفِقْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فِي يَوْمٍ يَنْبَغِي إذَا قَدَّمَتْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ، فَإِنْ رَجَعَ فَلَمْ يُنْفِقْ أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً، وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ سَقَطَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَهُوَ ظَالِمٌ لَهَا وَهُوَ قِيَاسُ مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي بَابِ الْقَسْمِ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا لَمْ يَقْسِمْ لَهَا فَرَافَعَتْهُ يَأْمُرُهُ بِالْقَسْمِ وَعَدَمِ الْجَوْرِ، فَإِنْ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْسِمْ فَرَافَعَتْهُ أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً، وَإِنْ كَانَ مَا ذَهَبَ لَهَا مِنْ الْحَقِّ لَا يُقْضَى وَيَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفُرُوعِهِ) أَيْ وَبَقِيَّةِ فُرُوعِهِ كَالْإِنَاثِ وَالْوَلَدِ الْبَالِغِ الزَّمِنِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الصَّغِيرَ غَيْرُ قَيْدٍ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يُحْبَسُ لِمَحْرَمِهِ لَوْ أَبَى لَمْ أَرَهُ) أَصْلُ التَّوَقُّفِ لِصَاحِبِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قُلْت: إذَا حُبِسَ الْأَبُ فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى مَعَ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ عَنْ الْبَدَائِعِ فَإِنَّهُ قَالَ وَيُحْبَسُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ كَالزَّوْجَاتِ.

أَمَّا غَيْرُ الْأَبِ فَلَا شَكَّ فِيهِ وَأَمَّا الْأَبُ فَلِأَنَّ فِي النَّفَقَةِ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ الْوَلَدِ؛ وَلِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، فَلَوْ لَمْ يُحْبَسْ سَقَطَ حَقُّ الْوَلَدِ رَأْسًا فَكَانَ فِي حَبْسِهِ دَفْعُ الْهَلَاكِ، وَاسْتِدْرَاكُ الْحَقِّ عَنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْأَدَاءِ اهـ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا عَزَاهُ الشَّارِحُ إلَى الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ) أَيْ بِالْوَلَدِ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَيُحْبَسُ الرَّجُلُ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ لَا فِي دَيْنِ وَلَدِهِ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>