بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ (تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنْ زَنْدِهِ) هُوَ مَفْصِلُ الرُّسْغِ (وَتُحْسَمُ) وُجُوبًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ نَدْبًا فَتْحٌ (إلَّا فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدَيْنِ) فَلَا تُقْطَعُ لِأَنَّ الْحَدَّ زَاجِرٌ لَا مُتْلِفٌ، وَيُحْبَسُ لِيَتَوَسَّطَ الْأَمْرُ (وَثَمَنُ زَيْتِهِ وَمُؤْنَتُهُ) كَأُجْرَةِ حَدَّادٍ وَكُلْفَةِ حَسْمٍ (عَلَى السَّارِقِ) عِنْدَنَا لِتَسَبُّبِهِ، بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمَحْضَرِ لِلْخُصُومِ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ. قُلْت: وَفِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنْ فِي قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالسَّارِقِ (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ الْكَعْبِ إنْ عَادَ، فَإِنْ عَادَ) ثَالِثًا (لَا، وَحُبِسَ) وَعُزِّرَ أَيْضًا بِالضَّرْبِ (حَتَّى يَتُوبَ) أَيْ تَظْهَرَ أَمَارَاتُ التَّوْبَةِ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ، وَمَا رُوِيَ يُقْطَعُ ثَالِثًا وَرَابِعًا إنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى السِّيَاسَةِ أَوْ نُسِخَ
ــ
[رد المحتار]
[بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]
ِ لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ حُكْمَ السَّرِقَةِ ذَكَرَهُ عَقِبَهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ يَعْقُبُهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ شَلَّاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْأَصَابِعِ أَوْ الْإِبْهَامِ، وَإِنْ كَانَتْ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةً قَبْلَ ذَلِكَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةً قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ زَنْدِهِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ النُّونِ (قَوْلُهُ هُوَ مَفْصِلُ الرُّسْغِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ مِنْ مَفْصِلِ الزَّنْدِ وَهُوَ الرُّسْغُ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الزَّنْدُ مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعُ وَالْكُرْسُوعُ فَالْكُوعُ طَرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ. وَالْكُرْسُوعُ: طَرَفُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَتُحْسَمُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ تُكْوَى بِزَيْتٍ مَغْلِيٍّ وَنَحْوِهِ نَهْرٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْرِبِ. وَقَالَ مِسْكِينٌ: الْحَسْمُ الْكَيُّ بِحَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ لِئَلَّا يَسِيلَ دَمُهُ (قَوْلُهُ وُجُوبًا) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْسَمْ يُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ فَتْحٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ شَدِيدَيْنِ) وَإِلَّا فِي حَالِ مَرَضٍ مِفْتَاحٌ، وَقَيَّدَهُ فِي الْبِنَايَةِ بِالْمَرَضِ الشَّدِيدِ أَفَادَهُ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْطَعُ) إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ قَوْلِهِ تُقْطَعُ لَا مِنْ قَوْلِهِ تُحْسَمُ وَإِنْ قَرُبَ ذِكْرُهُ ط (قَوْلُهُ لِيَتَوَسَّطَ الْأَمْرُ) أَيْ أَمْرُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (قَوْلُهُ وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ مُؤْنَةُ الْقَطْعِ: أَيْ مَا يُنْفَقُ فِيهِ، وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ كَأُجْرَةِ حَدَّادٍ: أَيْ مَنْ يُبَاشِرُ الْحَدَّ وَهُوَ الْقَطْعُ هُنَا، وَقَوْلُهُ وَكُلْفَةِ حَسْمٍ يَشْمَلُ ثَمَنَ الزَّيْتِ وَكَذَا ثَمَنَ حَطَبٍ وَأُجْرَةَ إنَاءٍ يَغْلِي فِيهِ الزَّيْتُ.
[تَنْبِيهٌ] يُسَنُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تَعْلِيقُ يَدِهِ فِي عُنُقِهِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِهِ. وَعِنْدَنَا ذَلِكَ مُطْلَقٌ لِلْإِمَامِ إنْ رَآهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ مَنْ قَطَعَهُ لِيَكُونَ سُنَّةً فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَالسَّارِقِ) مَحَلُّ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ: قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: قِيلَ أُجْرَةُ الْمُشَخِّصِ أَيْ الْمُحْضِرِ لِلْخُصُومِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ كَالسَّارِقِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأُجْرَةُ الْحَدَّادِ وَالدُّهْنِ الَّذِي تُحْسَمُ بِهِ الْعُرُوقُ عَلَى السَّارِقِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ. اهـ. ح (قَوْلُهُ مِنْ الْكَعْبِ) أَيْ لَا مِنْ نِصْفِ الْقَدَمِ مِنْ مَقْعَدِ الشِّرَاكِ خِلَافًا لِلرَّوَافِضِ (قَوْلُهُ إنْ عَادَ) أَيْ بَعْدَمَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ وَإِلَّا بِأَنْ سَرَقَ مَرَّاتٍ قَبْلَ الْقَطْعِ تُقْطَعُ يَمِينُهُ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ يُكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ لِجِنَايَاتٍ اتَّحَدَ جِنْسُهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قُبَيْلَ بَابِ التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَتُوبَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يَمُوتَ فَتْحٌ: وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَمُدَّةُ التَّوْبَةِ مُفَوَّضَةٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقِيلَ مُمْتَدَّةٌ إلَى أَنْ يَظْهَرَ سِيمَا الصَّالِحِينَ فِي وَجْهِهِ، وَقِيلَ يُحْبَسُ سَنَةً، وَقِيلَ إلَى أَنْ يَمُوتَ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ اهـ (قَوْلُهُ ثَالِثًا وَرَابِعًا) أَيْ الْيَدُ الْيُسْرَى ثُمَّ الرِّجْلُ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ إنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى السِّيَاسَةِ أَوْ نُسِخَ) أَشَارَ إلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ: تَتَبَّعْنَا هَذِهِ الْآثَارَ فَلَمْ نَجِدْ لِشَيْءٍ مِنْهَا أَصْلًا، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْمَبْسُوطِ الْحَدِيثُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَلَئِنْ سُلِّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute