وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ) وَلَوْ مُخْتَفِيًا يَرَى وَجْهَ الْمُقِرِّ وَيَفْهَمُهُ (وَلَا يَشْهَدُ عَلَى مُحَجَّبٍ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْقَائِلَ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ، لَكِنْ لَوْ فَسَّرَ لَا تُقْبَلُ دُرَرٌ (أَوْ يَرَى شَخْصَهَا) أَيْ الْقَائِلَةِ (مَعَ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ) وَيَكْفِي هَذَا لِلشَّهَادَةِ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.
[فَرْعٌ] فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ عِنْدَ الْأَدَاءِ يُبْغِضُهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَضُرُّهُ (وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ) بِأَنْ أَخْرَجَ الْمُدَّعِي خَطَّ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ فَاسْتُكْتِبَ فَكَتَبَ وَبَيْنَ الْخَطَّيْنِ (مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ) عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ (لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ) هُوَ الصَّحِيحُ خَانِيَّةٌ، وَإِنْ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ لِأَنَّ قَاضِيَ خَانَ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحَاتِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ هَذَا خَطِّي لَكِنْ لَيْسَ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ، إنْ كَانَ الْخَطُّ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مُصَدَّرًا مُعَنْوَنًا
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَهُمْ وَقَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا هُنَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ، لَكِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ) لَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَلَوْ قَالَ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ بَدَلَ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ لَكَانَ أَفْوَدَ؛ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ بِمَا سَمِعْتَ تَسَعُهُ الشَّهَادَةُ اهـ فَيُعْلَمُ حُكْمُ مَا إذَا سَكَتَ بِالْأَوْلَى بَحْرٌ. وَفِيهِ: وَإِذَا سَكَتَ يَشْهَدُ بِمَا عَلِمَ وَلَا يَقُولُ أَشْهَدَنِي لِأَنَّهُ كَذِبٌ.
(قَوْلُهُ غَيْرُهُ) اُنْظُرْ عِبَارَةَ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ فَسَّرَ) أَيْ بِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْمُحَجَّبِ.
(قَوْلُهُ شَخْصَهَا) فِي الْمُلْتَقَطِ: إذَا سَمِعَ صَوْتَ الْمَرْأَةِ وَلَمْ يَرَ شَخْصَهَا فَشَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا، وَإِنْ رَأَى شَخْصَهَا وَأَقَرَّتْ عِنْدَهُ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا بَحْرٌ اهـ مِنْ أَوَّلِ الشَّهَادَاتِ، وَاحْتَرَزَ بِرُؤْيَةِ شَخْصِهَا عَنْ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: حَسَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا وَقَالَتْ أَنَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهَبْتُ لِزَوْجِي مَهْرِي فَلَا يَحْتَاجُ الشُّهُودُ إلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ مَا دَامَتْ حَيَّةً إذْ يُمْكِنُ الشَّاهِدَ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهَا، فَإِنْ مَاتَتْ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ الشُّهُودُ إلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِنَسَبِهَا.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ وَلَا يَكْفِي الِاثْنَانِ. ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي سُلَيْمَانَ فَدَخَلَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَسَأَلَهُ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ مَتَى تَجُوزُ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا تَجُوزُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ أَنَّهَا فُلَانَةُ، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُوكَ يَقُولَانِ يَجُوزُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ عَلَى النَّاسِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا كَمَا احْتَاجَا لِلِاسْمِ وَالنَّسَبِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ يَحْتَاجَانِ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إلَى مَنْ يَشْهَدُ أَنَّ صَاحِبَةَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ هَذِهِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّعْرِيفُ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا أَوْ لَهَا سَائِحَانِيٌّ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ عِنْدَ إلَخْ) اسْمُ أَنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفًا وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرُهَا.
(قَوْلُهُ فَيَضُرُّهُ) أَيْ يَضُرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بُغْضُهُ لِلْفَقِيهِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ إلَخْ) وَفِي الْبَاقَانِيِّ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: صَرَّافٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَخَطُّهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ غَرِيمُهُ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَعَرَضَ خَطَّ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ عَرَفَ النَّاسُ خَطَّهُ حُكِمَ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ مِثْلَهُ حُجَّةٌ، وَهَذَا مُشْكِلٌ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى الْخَطِّ وَهُنَا لَمْ يَعْتَبِرُوا هَذَا الِاشْتِبَاهَ، وَوَجْهُهُ لَا يَنْهَضُ وَسَيَجِيءُ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: يُعْمَلُ بِكِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ كَمَا فِي سِيَرِ الْخَانِيَّةِ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْبَرَاءَاتُ السُّلْطَانِيَّةُ بِالْوَظَائِفِ فِي زَمَانِنَا. الثَّانِيَةُ يُعْمَلُ بِدَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ ظَاهِرَةٌ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى دَالَّةٍ فَعَدَّاهُ بِعَلَى أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَدُلُّ مَحْذُوفًا أَوْ لَفْظُ عَلَى بِمَعْنَى فِي