للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْعَفْوِ عَنْهُمَا.

(وَبَعْرَتَيْ إبِلٍ وَغَنَمٍ، كَمَا) يُعْفَى (لَوْ وَقَعَتَا فِي مِحْلَبٍ) وَقْتَ الْحَلْبِ (فَرُمِيَتَا) فَوْرًا قَبْلَ تَفَتُّتٍ وَتَلَوُّنٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْبَعْرَتَيْنِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ (قِيلَ الْقَلِيلُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ مَا يَسْتَقِلُّهُ النَّاظِرُ وَالْكَثِيرُ بِعَكْسِهِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ) كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يُقَدِّرُ شَيْئًا بِالرَّأْيِ.

[فَرْعٌ] الْبُعْدُ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْبَالُوعَةِ بِقَدْرِ مَا لَا يَظْهَرُ لِلنَّجَسِ أَثَرٌ (وَيُعْتَبَرُ سُؤْرٌ بِمُسْئِرٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَسْأَرَ: أَيْ أَبْقَى لِاخْتِلَاطِهِ بِلُعَابِهِ (فَسُؤْرُ آدَمِيٍّ مُطْلَقًا) وَلَوْ جُنُبًا أَوْ كَافِرًا أَوْ امْرَأَةً، نَعَمْ يُكْرَهُ سُؤْرُهَا لِلرَّجُلِ كَعَكْسِهِ لِلِاسْتِلْذَاذِ وَاسْتِعْمَالِ رِيقِ الْغَيْرِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ مُجْتَبًى.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَبَعْرَتَيْ إبِلٍ وَغَنَمٍ) أَيْ لَا نَزْحَ بِهِمَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. قَالَ فِي الْفَيْضِ: فَلَا يُنَجِّسُ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا، سَوَاءٌ كَانَ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، صَحِيحًا أَوْ مُنْكَسِرًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلْبِئْرِ حَاجِزٌ كَالْمُدُنِ أَوْ لَا كَالْفَلَوَاتِ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ رَوْثَ الْحِمَارِ وَالْخُنْثَى. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقِيلَ يُنَجِّسُ وَلَوْ قَلِيلًا أَوْ يَابِسًا، وَقِيلَ لَوْ يَابِسًا فَلَا، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فِيهِ ضَرُورَةٌ وَبَلْوَى لَا يُنَجِّسُ وَإِلَّا نَجَّسَ. اهـ

مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّوْثِ وَالْخُنْثَى وَالْبَعْرِ وَالْخُرْءِ وَالنَّجْوِ وَالْعَذِرَةِ [فَائِدَةٌ] قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي: الرَّوْثُ لِلْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ، وَالْخُنْثَى بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلْبَقَرِ وَالْفِيلِ، وَالْبَعْرُ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَالْخُرْءُ لِلطُّيُورِ، وَالنَّجْوُ لِلْكَلْبِ، وَالْعَذِرَةُ لِلْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ فِي مِحْلَبٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ: مَا يُحْلَبُ فِيهِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْحَلْبِ) فَلَوْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ زَمَانِ الْحَلْبِ فَهُوَ كَوُقُوعِهَا فِي سَائِرِ الْأَوَانِي فَتُنَجِّسُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا هِيَ زَمَانُ الْحَلْبِ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تَبْعَرَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَالِاحْتِرَازُ عَنْهُ عَسِيرٌ، وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ. اهـ شَارِحُ مُنْيَةٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ تَفَتُّتٍ وَتَلَوُّنٍ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِلْخَانِيَّةِ: فَلَوْ تَفَتَّتَتْ أَوْ أَخَذَ اللَّبَنُ لَوْنَهَا يُنَجَّسُ.

اهـ فَتَّالٌ (قَوْلُهُ وَالتَّعْبِيرُ بِالْبَعْرَتَيْنِ) أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ الْبِئْرِ وَالْمِحْلَبِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْفَيْضِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقِيٌّ) اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَهِمَ مِنْ تَقْيِيدِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِالْبَعْرَةِ أَوْ الْبَعْرَتَيْنِ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ مُعْتَبَرٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذَا الْفَهْمُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ اقْتَصَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَفْسُدُ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَاحِشًا وَالثَّلَاثُ لَيْسَ بِكَثِيرٍ فَاحِشٍ، كَذَا نَقْلُ عِبَارَةِ الْجَامِعِ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ. اهـ.

فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَعْرَتَيْ إبِلٍ وَغَنَمٍ الْمُرَادُ مِنْهُ الْقَلِيلُ لَا خُصُوصُ الثِّنْتَيْنِ، وَحُمِلَ قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ عَلَى بَيَانِ حَدِّ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِيُفِيدَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَوْلًا آخَرَ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لِيُفِيدَ وُقُوعَ الْخِلَافِ فِي حَدِّهِ، فَإِنَّ فِيهِ أَقْوَالًا صُحِّحَ مِنْهَا قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي أَنَّ مَا لَا يَخْلُو دَلْوٌ عَنْ بَعْرَةٍ فَهُوَ كَثِيرٌ صَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْمَبْسُوطِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْفَيْضِ) لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْفَيْضِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ) وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالْكَافِي وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ بَحْرٌ، وَفِي الْفَيْضِ: وَبِهِ يُفْتَى (قَوْلُهُ لَا يُقَدِّرُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ عَادَةَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ مَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى تَقْدِيرٍ بِعَدَدٍ أَوْ مِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ لَا يُقَدِّرُهُ بِالرَّأْيِ، وَإِنَّمَا يُفَوِّضُهُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى، فَلِذَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحَ

[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

(قَوْلُهُ الْبُعْدُ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الْبُعْدِ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ، فَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَفِي رِوَايَةٍ سَبْعَةٌ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: الْمُعْتَبَرُ الطَّعْمُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ، فَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَازَ وَإِلَّا لَا وَلَوْ كَانَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ: وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ بَحْرٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ رَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَصَلَابَتِهَا، وَمَنْ قَدَّرَهُ اعْتَبَرَ حَالَ أَرْضِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>