إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَمِثْلُ السَّوِيقِ) عَبَّرَ فِي الْمَبْسُوطِ بِالْقِيمَةِ لِتَغَيُّرِهِ بِالْقَلْيِ فَلَمْ يَبْقَ مِثْلِيًّا، وَسَمَّاهُ هُنَا مِثْلًا لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَهُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَقَدَّمْنَا قَوْلَيْنِ عَنْ الْمُجْتَبَى (وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَصْبُوغَ أَوْ الْمَلْتُوتَ وَغَرِمَ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَ) غَرِمَ (السَّمْنَ) ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَقْتَ اتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ وَالصَّبْغُ لَمْ يَبْقَ مِثْلِيًّا قَبْلَ اتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ لِامْتِزَاجِهِ بِمَاءٍ مُجْتَبًى.
(رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْغَاصِبِ) فَإِنَّهُ يَبْرَأُ أَيْضًا لِقِيَامِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْعَيْنِ (إذَا كَانَ قَبْضُهُ الْقِيمَةَ مَعْرُوفًا) بِقَضَاءٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ لَا بِإِقْرَارِ الْغَصْبِ إلَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَغَاصِبِهِ عِمَادِيَّةٌ.
[مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]
(غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ مِنْهُ فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَبَعْضَهُ مِنْ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ) سِرَاجِيَّةٌ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَسَمَّاهُ) أَيْ الْقِيمَةَ بِمَعْنَى الْبَدَلِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْمَتْنِ حَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَا قَوْلَيْنِ: أَيْ أَوَائِلُ الْغَصْبِ جَوَابٌ آخَرُ فَمَا فِي الْمَتْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَقِيلَ قِيَمِيٌّ لِتَغَيُّرِهِ بِالْقَلْيِ لَكِنْ تَفَاوُتُهُ قَلِيلٌ، فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ اهـ وَصَحَّحَ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ مَا زَادَ الصَّبْغُ) بِرَفْعِ الصَّبْغِ فَاعِلُ زَادَ أَيْ غَرِمَ مِنْ النُّقُودِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الثَّوْبِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ السَّمْنَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ السَّمْنَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى مَا وَالْمُرَادُ غَرِمَ مِثْلَ السَّمْنِ، وَبَيَّنَ فَائِدَةَ إدْرَاجِهِ لَفْظَةَ غَرِمَ الْمَانِعَةِ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الصَّبْغِ الْمَرْفُوعِ بِقَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ أَيْ فَالْوَاجِبُ فِيهِ ضَمَانُهُ أَيْ ضَمَانُ مِثْلِهِ لَا قِيمَتُهُ. وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَقِيلَ بِالرَّفْعِ وَالصَّوَابُ النَّصْبُ ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ اهـ (قَوْلُهُ قَبْلَ اتِّصَالِهِ) لَمْ يَقُلْ وَقْتَ اتِّصَالِهِ كَمَا قَالَهُ فِي سَابِقِهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الصَّبْغِ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ بِامْتِزَاجِهِ بِالْمَاءِ كَانَ قَبْلَ اتِّصَالِهِ بِالثَّوْبِ، بِخِلَافِ السَّمْنِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إلَّا وَقْتَ اتِّصَالِهِ بِالسَّوِيقِ فَافْهَمْ. وَهَذَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ ضَمَانِ مِثْلِ السَّمْنِ وَبَدَلِ الصَّبْغِ.
مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ قَبْضُهُ الْقِيمَةَ مَعْرُوفًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي رَدِّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ كَذَلِكَ، فَلَوْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ،؛ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِدَعْوَى الرَّدِّ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْهُ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ الْمَنْقُولَ رَمْلِيٌّ عَلَى الْفُصُولَيْنِ وَنَقَلَهُ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ الْعِمَادِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةٍ) أَيْ أَقَامَهَا غَاصِبُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ لَا بِإِقْرَارِ الْغَاصِبِ) أَيْ الْأَوَّلِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْمَالِكِ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي تَضْمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِيرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَغَاصِبِهِ) أَيْ فِيمَا إذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ، وَكَذَا فِيمَا إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ، وَأَرَادَ الْأَوَّلُ الرُّجُوعَ عَلَى الثَّانِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا إقْرَارُهُ لَرَجَعَ كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ بَعْضَ الضَّمَانِ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبُعَ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ لَهُ ذَلِكَ سِرَاجِيَّةٌ) اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ، فَبَعْضُهُمْ نَقَلَ لَيْسَ لَهُ، وَبَعْضُهُمْ نَقَلَ كَمَا هُنَا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ) إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ تَقَدَّمَتْ مَتْنًا أَوَّلَ الْغَصْبِ.
وَفِي الْهِنْدِيَّةِ إنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِمَا ضَمِنَ، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعَارَ هَلَكَ فِي أَيْدِيهِمْ وَضَمِنُوا لِلْمَالِكِ لَا يَرْجِعُونَ بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute