للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُلِّ حَالِ الْفُصُولَيْنِ.

(غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ) لَا عِبْرَةَ لِلْأَلْوَانِ بَلْ لِحَقِيقَةِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ (أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا، فَإِنْ أَعَدَّهَا رَبُّهَا لِلزِّرَاعَةِ اُعْتُبِرَ الْعُرْفُ فِي الْحِصَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْ أَعَدَّهَا لِلْإِيجَارِ، فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ إنْ انْتَقَصَتْ وَإِنْ كَانَتْ وَقْفًا فَإِنَّ ثَمَّةَ عُرْفٌ وَكَانَ أَنْفَعَ اُعْتُبِرَ، وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ لِقَوْلِهِمْ يُفْتَى بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمُبَدَّدِ.

بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ يَخْفَى عَلَى كَثِيرِينَ وَهُوَ: مَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ سُلْطَانِيَّةً أَوْ وَقْفًا بِيَدِ زُرَّاعِهَا الَّذِينَ لَهُمْ مِشَدُّ مَسْكَنِهَا كَغَالِبِ الْأَرَاضِيِ الدِّمَشْقِيَّةِ إذَا زَرَعَهَا غَيْرُ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِصَّةِ لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا، هَلْ لِصَاحِبِ الْمِشَدِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّةٍ مِنْ الْخَارِجِ، أَوْ بِأُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ: لَا وَإِنْ قُلْنَا لَا نَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهَا مَا دَامَ مُزَارِعًا يُعْطِي مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهَا عَلَى وَجْهِهِ الْمَطْلُوبِ اهـ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْحِصَّةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا صَاحِبُ الْمِشَدِّ، بَلْ صَاحِبُ الْإِقْطَاعِ أَوْ الْمُتَوَلِّي فَتَنَبَّهْ.

وَفِي الْحَامِدِيَّةِ سُئِلَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ رَجُلٍ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي، وَلَا مِنْ ذِي الْمِشَدِّ وَلَمْ تَكُنْ فِي إجَارَتِهِ أَجَابَ: لِلنَّاظِرِ مُطَالَبَةُ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ (قَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍّ) عَلِمْت مَعْنَاهُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ فَصَبَغَهُ) فَلَوْ انْصَبَغَ بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ كَإِلْقَاءِ الرِّيحِ، فَلَا خِيَارَ لِرَبِّ الثَّوْبِ بَلْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا جِنَايَةَ مِنْ صَاحِبِ الصَّبْغِ حَتَّى يَضْمَنَ الثَّوْبَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لَا عِبْرَةَ لِلْأَلْوَانِ إلَخْ) بَيَانٌ لِنُكْتَةِ عَدَمِ تَعَرُّضِ الْمُصَنِّفِ لِلَوْنِ الصَّبْغِ، وَأَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ السَّوَادَ نُقْصَانٌ وَعِنْدَهُمَا زِيَادَةٌ كَالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ رَاجِعٌ إلَى اخْتِلَافِ عَصْرٍ وَزَمَانٍ فَمِنْ الثِّيَابِ مَا يَزْدَادُ بِالسَّوَادِ وَمِنْهَا مَا يُنْتَقَصُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَلْ لِحَقِيقَةِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ) فَلَوْ كَانَ ثَوْبًا يَنْقُصُهُ الصَّبْغُ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا، فَتَرَاجَعَتْ الصَّبْغُ إلَى عِشْرِينَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ يَنْظُرُ إلَى ثَوْبٍ يَزِيدُ فِيهِ ذَلِكَ الصَّبْغُ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ خَمْسَةً يَأْخُذُ رَبُّ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَةِ ثَوْبه عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةُ صَبْغِهِ خَمْسَةُ الْخَمْسَةِ بِالْخَمْسَةِ قِصَاصٌ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ النُّقْصَانِ وَهُوَ خَمْسَةٌ رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ.

وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ كُلُّ حَقِّهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِالصَّبْغِ، بَلْ ضَرَّهُ فَكَيْفَ يَغْرَمُ وَالْإِتْلَافُ مُوجِبٌ لِكُلِّ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ صَارَ مُسْقِطًا، وَأَجَابَ الطُّورِيُّ بِمَا لَا يَشْفِي فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ أَصْلٍ وَالْآخَرُ صَاحِبُ وَصْفٍ يُقَالُ: ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ وَسَوِيقٌ مَلْتُوتٌ فَخُيِّرَ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>