للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ) أَيْ بِالْقَلْعِ وَلَوْ زَرَعَهَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ

ــ

[رد المحتار]

تُقَوَّمُ بِمِائَةٍ وَتِسْعَةِ دَرَاهِمَ فَيَضْمَنُ الْمَالِكُ التِّسْعَةَ مِنَحٌ (قَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ) أَيْ نُقْصَانًا فَاحِشًا بِحَيْثُ يُفْسِدُهَا أَمَّا لَوْ نَقَصَهَا قَلِيلًا فَيَأْخُذُ أَرْضَهُ، وَيَقْلَعُ الْأَشْجَارَ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ.

مَطْلَبٌ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَرَعَهَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالُوا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي قَرْيَةٍ اعْتَادَ أَهْلُهَا زِرَاعَةَ أَرْضِ الْغَيْرِ، وَكَانَ صَاحِبُهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ، وَيَدْفَعُ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً، فَذَلِكَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُزَارِعَ بِحِصَّةِ الدِّهْقَانِ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ النِّصْفَ أَوْ الرُّبُعَ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ، وَهُوَ نَظِيرُ الدَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلْإِجَارَةٍ إذَا سَكَنَهَا إنْسَانٌ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَكَذَا هَاهُنَا، وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْت مَشَايِخَ زَمَانِي، وَاَلَّذِي تَقَرَّرَ عِنْدِي وَعَرَضْتُهُ عَلَى مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الْأَرْضَ وَإِنْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، تَكُونُ هَذِهِ مُزَارَعَةً فَاسِدَةً إذْ لَيْسَ فِيهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمُزَارَعَةِ، وَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ اهـ.

أَقُولُ: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ: أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ صِحَّتُهَا بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ زَرْعٍ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْمَشَايِخُ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا، وَفِي مُزَارَعَةِ الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْقَاضِي: وَعِنْدِي أَنَّهَا إنْ مُعَدَّةً لَهَا وَحِصَّةُ الْعَامِلِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَيُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُهَا مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ غَصْبًا، وَالْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَكَذَا لَوْ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا، وَلَمْ يُجِزْهَا رَبُّهَا وَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَا تَكُونُ مُزَارَعَةً؛ لِأَنَّهُ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلِ الْإِجَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي دَفْعِهَا مُزَارَعَةً، وَلَا فِي قَسْمِ حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَكُونُ الزَّارِعُ غَاصِبًا فَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ مُشْكِلٌ، وَلَا تُفِيدُهُ النُّقُولُ الْمَارَّةُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَيْسَتْ مِمَّا أُعِدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ، حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ، بَلْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُهَا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهَا مَالُ يَتِيمٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا أَوْ أَعَدَّهَا صَاحِبُهَا لِلْإِجَارَةِ، فَتَكُونُ مِمَّا أُعِدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ، وَأَمَّا الْوَقْفُ فَيَأْتِي قَرِيبًا، وَلَيْسَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ أَصْلًا فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ نَحْوُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفُصُولَيْنِ إلَّا فِي الْوَقْفِ، فَيَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا، وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.

وَرَأَيْت فِي هَامِشِهِ عَنْ مُفْتِي دِمَشْقَ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ تَجِبُ الْحِصَّةُ أَيْ فِي زَرْعِ الْأَرْضِ وَقَوْلَهُ: أَوْ الْأَجْرُ أَيْ فِي سُكْنَى الدَّارِ فَقَوْلُهُ: زَرَعَهَا أَيْ الْأَرْضَ أَوْ سَكَنَهَا أَيْ الدَّارَ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ اهـ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا مَا لَوْ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ أَوْ تَأْوِيلِ عَقْدٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي عِبَارَةِ الْفُصُولَيْنِ قَبْلَ قَوْلِهِ إلَّا فِي الْوَقْفِ، وَذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ يَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ كَانَ الْأَجْرُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ تَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْفُصُولَيْنِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ: أَيْ إنْ كَانَ عُرْفٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْأَجْرُ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ كَانَ الْأَجْرُ أَنْفَعَ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>