بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْأَصْلُ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِيِّ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ عَلَى النِّيَّةِ، وَعِنْدَنَا عَلَى الْعُرْفِ مَا لَمْ يَنْوِ مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فَلَا حِنْثَ فِي لَا يَهْدِمُ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَتْحٌ.
(الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ فَلَوْ) اغْتَاظَ عَلَى غَيْرِهِ وَ (حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِفَلْسٍ فَاشْتَرَى لَهُ بِدِرْهَمٍ) أَوْ أَكْثَرَ (شَيْئًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَابِ
ــ
[رد المحتار]
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]
َ (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْجُلُوسِ وَالتَّزَوُّجِ وَالتَّطْهِيرِ.
مَطْلَبُ الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ بَيْتًا بِبَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ
(قَوْلُهُ وَعِنْدَنَا عَلَى الْعُرْفِ) لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِالْكَلَامِ الْعُرْفِيِّ أَعْنِي الْأَلْفَاظَ الَّتِي يُرَادُ بِهَا مَعَانِيهَا الَّتِي وُضِعَتْ لَهَا فِي الْعُرْفِ كَمَا أَنَّ الْعَرَبِيَّ حَالَ كَوْنِهِ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِالْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ فَوَجَبَ صَرْفُ أَلْفَاظِ الْمُتَكَلِّمِ إلَى مَا عُهِدَ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ إلَخْ) صَرَّحَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ والمرغيناني بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَدْمِ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ، فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ حَكَمَ بِأَنَّهُ خَطَأٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَى الْعُرْفِ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِحَقِيقَتِهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَصِيرُ مَا لَهُ وَضْعٌ لُغَوِيٌّ، وَوَضْعٌ عُرْفِيٌّ يُعْتَبَرُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِهِ أَهْلُ الْعُرْفِ، وَهَذَا يَهْدِمُ قَاعِدَةَ حَمْلِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ الْمُعْتَبَرُ إلَّا اللُّغَةَ إلَّا مَا تَعَذَّرَ، وَهَذَا بَعِيدٌ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِالْعُرْفِ الَّذِي بِهِ التَّخَاطُبُ سَوَاءٌ كَانَ عُرْفَ اللُّغَةِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ غَيْرِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ نَعَمْ مَا وَقَعَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ تُعْتَبَرُ فِيهِ اللُّغَةُ أَنَّهَا الْعُرْفُ فَأَمَّا الْفَرْعُ الْمَذْكُورُ، فَالْوَجْهُ فِيهِ إنْ كَانَ نَوَاهُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ بَيْتًا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ فَلَا لِانْصِرَافِ الْكَلَامِ إلَى الْمُتَعَارَفِ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ بَيْتٍ فَظَهَرَ أَنَّ مُرَادَنَا بِانْصِرَافِ الْكَلَامِ إلَى الْعُرْفِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نِيَّةُ شَيْءٍ وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ انْعَقَدَ الْيَمِينُ بِاعْتِبَارِهِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
مَبْحَثٌ مُهِمٌّ فِي تَحْقِيقِ قَوْلِهِمْ: الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ
(قَوْلُهُ الْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ إلَخْ) أَيْ الْأَلْفَاظِ الْعُرْفِيَّةِ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْقَوْلِ بِبِنَائِهَا عَلَى عُرْفِ اللُّغَةِ أَوْ عُرْفِ الْقُرْآنِ فَفِي حَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً وَلَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ، لَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِهِ إنْسَانًا وَجُلُوسِهِ عَلَى جَبَلٍ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ دَابَّةً، وَالثَّانِي فِي الْقُرْآنِ وَتَدًا كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ أَيْ الْمَقَاصِدِ وَالنِّيَّاتِ، احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْقَوْلِ بِبِنَائِهَا عَلَى النِّيَّةِ. فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ الْعُرْفِيُّ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا غَرَضُ الْحَالِفِ فَإِنْ كَانَ مَدْلُولَ اللَّفْظِ الْمُسَمَّى اُعْتُبِرَ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى اللَّفْظِ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَبِالْعُرْفِ يُخَصُّ وَلَا يُزَادُ حَتَّى خَصَّ الرَّأْسَ بِمَا يُكْبَسُ وَلَمْ يُرِدْ الْمِلْكَ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِالدُّخُولِ اهـ وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّفْظَ إذَا كَانَ عَامًّا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute