للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ يُوجَدْ النَّذْرُ فِي الْمِلْكِ وَلَا مُضَافًا إلَى سَبَبِهِ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ (قَالَ مَا لِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَلَا مَالٌ لَهُ لَمْ يَصِحَّ) اتِّفَاقًا

(نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ يَوْمَ كَذَا عَلَى زَيْدٍ فَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ أُخْرَى قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (عَلَى فَقِيرٍ آخَرَ جَازَ) لِمَا تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ

(قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) وَلَوْ نَوَى صِيَامًا بِلَا عَدَدٍ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَوْ صَدَقَةً فَإِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كَالْفِطْرَةِ وَلَوْ نَذَرَ ثَلَاثِينَ حَجَّةً لَزِمَهُ بِقَدْرِ عُمْرِهِ.

(وَصَلَ بِحَلِفِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَطَلَ) يَمِينُهُ (وَكَذَا يَبْطُلُ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ (كُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِالْقَوْلِ عِبَادَةً أَوْ مُعَامَلَةً) لَوْ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ وَلَوْ بِالْأَمْرِ أَوْ النَّهْيِ كَأَعْتِقُوا عَبْدِي بَعْدَ مَوْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَصِحَّ وَبِعْ عَبْدِي هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْقَلْبِ) كَالنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ.

ــ

[رد المحتار]

قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِذَا قَبَضَهُ صَارَ مِلْكًا حَادِثًا بَعْدَ النَّذْرِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ يُعْتَبَرُ مَالُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ تَأَمَّلْ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْحَقَّ كَوْنُهُ مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) أَيْ وَشَرْطُ صِحَّةِ النَّذْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْذُورُ مِلْكًا لِلنَّاذِرِ أَوْ مُضَافًا إلَى السَّبَبِ كَقَوْلِهِ إنَّ اشْتَرَيْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَك ط (قَوْلُهُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ) أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ فَفِي بِمَعْنَى عَلَى.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِحَّ اتِّفَاقًا) أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ مَالِ الزَّكَاةِ اسْتِحْسَانًا أَيَّ جِنْسٍ كَانَ بَلَغَ نِصَابًا أَوْ لَا عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَمْسَكَ مِنْهُ قَدْرَ قُوتِهِ فَإِذَا مَلَكَ غَيْرَهُ تَصَدَّقَ بِقَدْرِهِ: أَيْ بِقَدْرِ مَا أَمْسَكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَاكَ عَنْ الْبَحْرِ قَالَ: إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَمَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ، فَحِيلَتُهُ أَنْ يَبِيعَ مِلْكَهُ مِنْ رَجُلٍ بِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ، وَيَقْبِضَهُ وَلَمْ يَرَهُ ثُمَّ يَفْعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اهـ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ هُنَاكَ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمِلْكُ حِينَ الْحِنْثِ لَا حِينَ الْحَلِفِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ النَّذْرَ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ لَا يَخْتَصُّ بِشَيْءٍ

. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ) فَلَوْ قَالَ نَذْرَ حَجٍّ مَثَلًا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى صِيَامًا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى شَيْئًا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ مَا نَوَى كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) لِأَنَّ إيجَابَ الْعَبْدِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَدْنَى ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بَحْرٌ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَدَقَةً) أَيْ بِلَا عَدَدٍ (قَوْلُهُ كَالْفِطْرَةِ) أَيْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ بُرٌّ وَكَذَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لَزِمَهُ نِصْفُ صَاعٍ بُرٌّ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَّ أُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ عَلَى عَشَرَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ بِقَدْرِ عُمْرِهِ) أَيْ لَزِمَهُ أَنْ يَحُجَّ بِقَدْرِ مَا يَعِيشُ وَمَشَى فِي لُبَابِ الْمَنَاسِكِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ قَدْرَ مَا عَاشَ وَيَجِبُ الْإِيصَاءُ بِالْبَقِيَّةِ وَعَزَاهُ الْقَارِي فِي شَرْحِهِ إلَى الْعُيُونِ وَالْخَانِيَّةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ قَالَ وَفِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ قَوْلُهُمَا وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَفِي الْفَتْحِ الْحَقُّ لُزُومُ الْكُلِّ اهـ مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ وَصَلَ بِحَلِفِهِ) قَيَّدَ بِالْوَصْلِ لِأَنَّهُ لَوْ فَصَلَ لَا يُفِيدُ، إلَّا إذَا كَانَ لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْفَصِلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُ الْعُقُودِ كُلِّهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً وَأَنْ لَا يُحْتَاجَ لِلْمُحَلِّلِ الثَّانِي لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُسْتَثْنَى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ حِكَايَةُ الْإِمَامِ مَعَ الْمَنْصُورِ ذَكَرَهَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) مَفْعُولُ وَصَلَ (قَوْلُهُ عِبَادَةً) كَنَذْرٍ وَإِعْتَاقٍ أَوْ مُعَامَلَةً كَطَلَاقٍ وَإِقْرَارٍ ط (قَوْلُهُ أَوْ النَّهْيِ) كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ: لَا تَبِعْ لِفُلَانٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ ط (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ) جَوَابُ قَوْلِهِ: وَلَوْ بِالْأَمْرِ فَافْهَمْ: أَيْ فَلِلْمَأْمُورِ أَنْ يَبِيعَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِيجَابَ يَقَعُ مُلْزِمًا بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ بَعْدُ، فَيَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيجَابِ، وَالْأَمْرُ لَا يَقَعُ لَازِمًا فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ بِعَزْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ فِيهِ ذَخِيرَةٌ وَقَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ بَابِ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ) مِنْ أَنَّهُ إذَا وَصَلَ الْمَشِيئَةَ بِالتَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهَا لِطَلَبِ التَّوْفِيقِ حَمَوِيٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهِ لِلِاسْتِثْنَاءِ، حَتَّى يُقَالَ إنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَقْوَالِ فَلَا تَبْطُلُ بِالِاسْتِثْنَاءِ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>