(نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الْخُبْزِ فَتَصَدَّقَ بِغَيْرِهِ جَازَ إنْ سَاوَى الْعَشَرَةَ) كَتَصَدُّقِهِ بِثَمَنِهِ.
(نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا لَكِنْ إنْ أَفْطَرَ) فِيهِ (يَوْمًا قَضَاهُ) وَحْدَهُ وَإِنْ قَالَ مُتَتَابِعًا (بِلَا لُزُومِ اسْتِقْبَالٍ) لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الْأَبَدِ فَأَكَلَ لِعُذْرٍ فَدَى.
(نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ يَمْلِكُ دُونَهَا لَزِمَهُ) مَا يَمْلِكُ مِنْهَا (فَقَطْ) هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْ
ــ
[رد المحتار]
التَّصَدُّقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى فُلَانٍ فَخَالَفَ جَازَ وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ قَبْلَهُ فَلَوْ عَيَّنَ شَهْرًا لِلِاعْتِكَافِ أَوْ لِلصَّوْمِ فَعَجَّلَ قَبْلَهُ عَنْهُ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ سَنَةَ كَذَا فَحَجَّ سَنَةً قَبْلَهَا صَحَّ أَوْ صَلَاةً فِي يَوْمِ كَذَا فَصَلَّاهَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ، وَهُوَ النَّذْرُ فَيَلْغُو التَّعْيِينُ بِخِلَافِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ اهـ.
قُلْت: وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ الْفَرْقَ وَهُوَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ بَلْ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، فَلَوْ جَازَ تَعْجِيلُهُ لَزِمَ وُقُوعُهُ قَبْلَ سَبَبِهِ فَلَا يَصِحُّ، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الزَّمَانُ بِالنَّظَرِ إلَى التَّعْجِيلِ، أَمَّا تَأْخِيرُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَائِزٌ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَكَذَا يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَكَانُ وَالدِّرْهَمُ وَالْفَقِيرُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا أَثَّرَ فِي انْعِقَادِ السَّبَبِيَّةِ فَقَطْ، فَلِذَا امْتَنَعَ فِيهِ التَّعْجِيلُ، وَتَعَيَّنَ فِيهِ الْوَقْتُ أَمَّا الْمَكَانُ وَالدِّرْهَمُ وَالْفَقِيرُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ التَّعْيِينِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِي بَيَانِ الْمُخَالَفَةِ عَلَى التَّعْجِيلِ فَقَطْ حَيْثُ قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ فَتَدَبَّرْ.
قُلْت: وَكَمَا لَا يَتَعَيَّنُ الْفَقِيرُ لَا يَتَعَيَّنُ عَدَدُهُ فَفِي الْخَانِيَّةِ إنْ زَوَّجْت بِنْتِي فَأَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي صَدَقَةٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ دِرْهَمٌ فَزَوَّجَ وَدَفَعَ الْأَلْفَ إلَى مِسْكِينٍ جُمْلَةً جَازَ.
[تَنْبِيهٌ] إنَّمَا لَمْ يَخْتَصَّ فِي النَّذْرِ بِزَمَانٍ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّ لُزُومَ مَا الْتَزَمَهُ بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ قُرْبَةٌ لَا بِاعْتِبَارَاتٍ أُخَرَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي صَيْرُورَتِهِ قُرْبَةً كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَكَذَا إذَا نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَدَّاهَا فِي أَقَلَّ شَرَفًا مِنْهُ أَوْ فِيمَا لَا شَرَفَ لَهُ أَجْزَأَهُ خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ الشَّرْعِ أَنَّ الْتِزَامَهُ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ مُوجِبٌ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْ الشَّرْعِ اعْتِبَارُ تَخْصِيصِ الْعَبْدِ الْعِبَادَةَ بِالْمَكَانِ، بَلْ إنَّمَا عُرِفَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَمَامُهُ فِيهِ.
قُلْت: وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْمَكَانُ فِي نَذْرِ الْهَدْيِ وَالزَّمَانُ فِي نَذْرِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ مُعَيَّنٌ، فَالْهَدْيُ مَا يُهْدَى لِلْحَرَمِ وَالْأُضْحِيَّةَ مَا يُذْبَحُ فِي أَيَّامِهَا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ الِاسْمُ وَسَنَذْكُرُ تَمَامَ تَحْقِيقِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ جَازَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ تَعْيِينَ مَا يُشْتَرَى بِهِ مِثْلُ تَعْيِينِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.
(قَوْلُهُ قَضَاهُ وَحْدَهُ) أَيْ قَضَى ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَطْ لِئَلَّا يَقَعَ كُلُّ الصَّوْمِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ فِي الصِّيَامِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ مُتَتَابِعًا) لِأَنَّ شَرْطَ التَّتَابُعِ فِي شَهْرٍ بِعَيْنِهِ لَغْوٌ لِأَنَّهُ مُتَتَابِعٌ لِتَتَابُعِ الْأَيَّامِ وَأَيْضًا لَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْبَالُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ دُرَرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِشَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَهُ إلَّا إذَا شَرَطَ التَّتَابُعَ فَيَلْزَمُهُ وَيَسْتَقْبِلُ فَتْحٌ أَيْ يَسْتَقْبِلُ شَهْرًا غَيْرَهُ لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا وَلَوْ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَجِبُ فِيهِ التَّتَابُعُ وَمَا لَا يَجِبُ وَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ أَوْ تَأْخِيرُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَأَكَلَ لِعُذْرٍ) وَكَذَا لِدُونِهِ ح (قَوْلُهُ فَدَى) أَيْ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا مَرَّ
. (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَا يَمْلِكُ مِنْهَا فَقَطْ) وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ عُرُوضٌ أَوْ خَادِمٌ يُسَاوِي مِائَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ وَيَتَصَدَّقُ، وَإِنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً يَتَصَدَّقُ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَلْفَ حَجَّةٍ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا عَاشَ فِي كُلِّ سَنَةٍ حَجَّةٌ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنُ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَالِهِ؟ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ: عَدَمُ الدُّخُولِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْلِكُهُ