للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَفَالَةُ النَّفْسِ تَنْعَقِدُ بِكَفَلْت بِنَفْسِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ بَدَنِهِ) كَالطَّلَاقِ، وَقَدَّمْنَا ثَمَّةَ أَنَّهُمْ لَوْ تَعَارَفُوا إطْلَاقَ الْيَدِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ فَكَذَا فِي الْكَفَالَةِ فَتْحٌ

(وَ) بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَكَفَلْت (بِنِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ)

(وَ) تَنْعَقِدُ (بِضَمِنَتِهِ أَوْ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ)

ــ

[رد المحتار]

[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

(قَوْلُهُ: وَكَفَالَةُ النَّفْسِ تَنْعَقِدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكَنْزِ: وَتَصِحُّ بِالنَّفْسِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ.

قَالَ فِي النَّهْرِ أَيْ بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثُمَّ كَفِيلًا أَوْ كَانَ لِلْكَفِيلِ كَفِيلٌ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى النَّفْسِ بِأَنْ يَكْفُلَ وَاحِدٌ نُفُوسًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ اهـ، وَقَدَّمْنَا عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ صِحَّةَ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: تَكَفَّلْت بِنَفْسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا وَيَكُونُ بِمَعْنَى عَالٍ فَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَمِنْهُ - {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: ٣٧]- وَبِمَعْنَى ضَمِنَ وَالْتَزَمَ فَيَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ وَاسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ مُؤَوَّلٌ رَمْلِيٌّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ بَدَنِهِ) أَيْ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ مِنْ أَعْضَائِهِ عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَنِ كَرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَرَقَبَتِهِ وَعُنُقِهِ وَبَدَنِهِ وَرُوحِهِ، وَذَكَرُوا فِي الطَّلَاقِ الْفَرْجَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا قَالُوا: وَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْكَفَالَةِ إذَا كَانَتْ امْرَأَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَهْرٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَبِجُزْءٍ شَائِعٍ إلَخْ) لِأَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ فِي حَقِّ الْكَفَالَةِ لَا تَتَجَزَّأُ فَذِكْرُ بَعْضِهَا شَائِعًا كَذِكْرِ كُلِّهَا، وَلَوْ أَضَافَ الْكَفِيلُ الْجُزْءَ إلَى نَفْسِهِ تَكَفَّلْ لَكَ نِصْفِي أَوْ ثُلُثِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ، لَكِنْ لَوْ قِيلَ إنْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ نَهْرٌ

(قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ بِضَمِنْته إلَخْ) أَمَّا ضَمِنْتُهُ فَلِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلتَّسْلِيمِ، وَالْعَقْدُ يَنْعَقِدُ بِالتَّصْرِيحِ بِمُوجِبِهِ كَالْبَيْعِ يَنْعَقِدُ بِالتَّمْلِيكِ، وَأَمَّا عَلَيَّ فَلِأَنَّهُ صِيغَةُ الْتِزَامٍ، وَمَنْ هُنَا أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْتَزَمْت بِمَا عَلَى فُلَانٍ كَانَ كَفَالَةً وَإِلَى بِمَعْنَاهُ هُنَا وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَلْفَاظَ الْكَفَالَةِ كُلُّ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْعُهْدَةِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: هَذَا إلَيَّ أَوْ وَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ قَبِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ كَانَ كُلُّهُ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ لَا كَفَالَةً بِالْمَالِ اهـ تَتَارْخَانِيَّةٌ.

وَفِي الْحَاكِمِ: وَقَوْلُهُ ضَمِنْت وَكَفَلْت وَهُوَ إلَيَّ وَهُوَ عَلَيَّ سَوَاءٌ كُلُّهُ وَهُوَ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ اهـ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ إذَا قَالَ إنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَك مَالَك فَهُوَ عَلَيَّ فَهُوَ جَائِزٌ اهـ، فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا هُوَ إلَيَّ هُوَ عَلَيَّ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ كَانَ الضَّمِيرُ لِلرَّجُلِ الْمَكْفُولِ بِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الضَّمِيرُ لِلْمَالِ فَهُوَ كَفَالَةُ مَالٍ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَلْفَاظِ.

فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا عَنْ الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنَا ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَهَذَا ضَمَانٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ خَلِّهِ فَأَنَا ضَامِنٌ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ بِالْبَيِّنَةِ اهـ.

فَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ مَا مَرَّ أَوَّلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كَفَالَةُ نَفْسٍ لَا كَفَالَةُ مَالٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ كَفَالَةَ مَالٍ أَصْلًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا بِهِ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ إلَخْ أَيْ بِالرَّجُلِ كَانَ كَفَالَةَ نَفْسٍ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى مِنْ كَفَالَةِ الْمَالِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَالِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَجَّهَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ عَلَى الْمَالِ فَإِنَّهَا تَكُونُ كَفَالَةَ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ بِهِ فَلَا يُرَادُ بِهَا الْأَدْنَى وَهُوَ كَفَالَةُ النَّفْسِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْمَالِ أَوْ بِضَمِيرِهِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا نَقَلَهُ الشَّلَبِيُّ عَنْ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ الْأَقْطَعِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمَانِ النَّفْسِ وَضَمَانِ الْمَالِ اهـ أَيْ إذَا قَالَ ضَمِنْت زَيْدًا أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ يَكُونُ كَفَالَةَ نَفْسٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ.

وَإِذَا قَالَ: ضَمِنْت لَكَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ إلَخْ فَهُوَ كَفَالَةُ مَالٍ قَطْعًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَكْفُولُ بِهِ أَنَّهُ كَفَالَةُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ أَصْلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>