وَمَنْ قَالَ قَصْدِي أَنْ أُسَافِرَ فَافْسَخَنْ ... فَحَلِّفْهُ أَوْ فَاسْأَلْ رِفَاقًا لِيَذْكُرُوا
وَيُفْسَخُ مِنْ تَرْكِ التِّجَارَةِ مَا اكْتَرَى ... وَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَمُؤْجَرُ
لَهُ فَسْخُهَا لَوْ مَاتَ مِنْهَا مُعَيَّنُ ... وَأَطْلَقَ يَعْقُوبُ وَبِالضِّعْفِ يُذْكَرُ
وَإِيجَارُ ذِي ضَعْفٍ مِنْ الْكُلِّ جَائِزٌ ... وَلَوْ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ ذَاكَ أَكْثَرُ
وَمَنْ مَاتَ مَدْيُونًا وَأَجْرُ عَقَارَهُ ... تَوَفَّاهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْحَيْسُ أَجْدَرُ
كِتَابُ الْمُكَاتَبِ مُنَاسَبَتُهُ لِلْإِجَارَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّقَبَةُ لِشَخْصٍ وَالْمَنْفَعَةُ لِغَيْرِهِ. (الْكِتَابَةُ لُغَةً مِنْ الْكَتْبِ) وَهُوَ جَمْعُ الْحُرُوفِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ فِيهِ ضَمَّ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ. وَشَرْعًا
ــ
[رد المحتار]
بِالثَّوْبِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ الدَّلَّالُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي هَذَا الدَّفْعِ عَادَةً. قَالَ قَاضِي خَانْ وَعِنْدِي إذَا فَارَقَهُ ضَمِنَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ مَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَالنَّظْمُ لَا إشْعَارَ لَهُ بِاخْتِيَارٍ قَاضِي خَانْ شَرْحٌ. (قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي بَابِ الْفَسْخِ.
(قَوْلُهُ فَافْسَخَنْ) أَمْرٌ مِنْ الْفَسْخِ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَامْتَحِنْ مِنْ الِامْتِحَانِ إشَارَةٌ إلَى الْقَوْلِ بِتَحْكِيمِ الزِّيِّ وَالْهَيْئَةِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِقَوْلِهِ فَحَلَّفَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ مِنْ تَرْكِ التِّجَارَةِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ تَرْكِهَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ مَا اكْتَرَى) مَفْعُولُ يَفْسَخُ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْنِي لَوْ سَارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَبَدَا لَهُ أَنْ لَا يَذْهَبَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. (قَوْلُهُ وَمُؤْجِرُ) مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ لَهُ فَسْخُهَا خَبَرٌ، وَالْمَعْنَى لَوْ اسْتَأْجَرَ دَوَابَّ بِعَيْنِهَا وَتَسَلَّمَهَا فَمَاتَتْ انْفَسَخَتْ لَا لَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَعَلَى الْآجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهَا وَعَنْ الثَّانِي ثُبُوتُ الْفَسْخِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ وَبِالضَّعْفِ يُذْكَرُ) أَيْ ضَعْفِ الْمُؤَجِّرِ أَيْ وَلِلْمُؤَجِّرِ فَسْخُهَا إذَا مَرَّ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ يُذْكَرُ لَكِنْ قَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّ بِهِ يُفْتِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ ذِي ضَعْفٍ) أَيْ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْكُلِّ جَائِزٌ) أَيْ نَافِذٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ بِالْمَنَافِعِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ. اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مِنْ ذَاكَ) أَيْ مِنْ الْأَجْرِ الَّذِي أَجَّرَ بِهِ الْمَرِيضُ (قَوْلُهُ وَأَجْرُ عَقَارِهِ) مُبْتَدَأٌ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ تَوَفَّاهُ أَيْ تَعَجَّلَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ (قَوْلُهُ أَجْدَرُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ لَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]
الْمُكَاتَبُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ كَاتَبَ مُكَاتَبَةً وَالْمُولَى مُكَاتَبٌ بِالْكَسْرِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كِتَابُ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ عِلْمَ الْفِقْهِ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ لَا الْمُكَاتَبِ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ هُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْكِتَابَةِ وَالْعُدُولِ عَنْهَا لِلتَّبَاعُدِ عَنْ نَوْعِ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ مُنَاسَبَتُهُ لِلْإِجَارَةِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَمَّا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَ الْعَتَاقِ لِأَنَّ مَآلَهُمَا الْوَلَاءُ كَمَا فَعَلَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِتْقَ إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ الْمِلْكِ بِلَا عِوَضٍ وَالْكِتَابَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ فِيهَا مِلْكُ الرَّقَبَةِ لِلسَّيِّدِ وَالْمَنْفَعَةِ لِلْعَبْدِ وَهُوَ أَنْسَبُ لِلْإِجَارَةِ، لِأَنَّ نِسْبِيَّةَ الذَّاتِيَّاتِ أَوْلَى مِنْ الْعَرَضِيَّاتِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْعِنَايَةِ، وَقُدِّمَتْ الْإِجَارَةُ لِشَبَهِهَا بِالْبَيْعِ فِي التَّمْلِيكِ وَالشَّرَائِطِ وَجَرَيَانِهَا فِي غَيْرِ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِيهَا يَثْبُتُ لَهَا حُكْمُ الْمَالِ ضَرُورَةً بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، وَالْكُلُّ مُنَاسَبَاتٌ تَقْرِيبِيَّةٌ لَا تَحْتَمِلُ التَّدْقِيقَاتِ الْمَنْطِقِيَّةَ (قَوْلُهُ وَهُوَ جَمْعُ الْحُرُوفِ) الْأَوْلَى وَهُوَ الْجَمْعُ مُطْلَقًا وَمِنْهُ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهَا جَمْعُ الْحُرُوفِ (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: الْكَتْبُ الْجَمْعُ لُغَةً، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْإِلْزَامِ، فَالْمَوْلَى يُلْزِمُ الْعَبْدَ الْبَدَلَ، وَالْعَبْدُ يُلْزِمُ الْمَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute