للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(تَحْرِيرُ الْمَمْلُوكِ يَدًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْيَدِ (حَالًا وَرَقَبَةً مَآلًا) يَعْنِي عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ، حَتَّى لَوْ أَدَّاهُ حَالًا عَتَقَ حَالًا (وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ (وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْبَدَلِ) الْمَذْكُورِ فِيهَا (مَعْلُومًا) قَدْرُهُ وَجِنْسُهُ، وَكَوْنُ الرِّقِّ فِي الْمَحَلِّ قَائِمًا لَا كَوْنُهُ مُنَجَّمًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِصِحَّتِهَا بِالْحَالِ، وَحُكْمًا فِي جَانِبِ الْعَبْدِ انْتِفَاءُ الْحَجْرِ فِي الْحَالِ، وَثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّ الْيَدِ لَا الرَّقَبَةِ

ــ

[رد المحتار]

الْعِتْقَ عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ: قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ: قَوْلُهُمْ إنَّهُ ضَمُّ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَمْرًا: هَذَا الْوَفَاءَ وَهَذَا الْأَدَاءَ؛ وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِأَنَّهُ يَخْلُو عَنْ الْعِوَضَيْنِ فِي الْحَالِ وَلَا يَكُونُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْعَقْدِ إلَّا الْكِتَابَةَ وَسَائِرُ الْعُقُودِ لَا تَخْلُو عَنْ الْأَعْوَاضِ غَالِبًا اهـ.

أَقُولُ: قَوْلُهُ غَالِبًا قَيْدٌ لَهُمَا فَتَدَبَّرْ، وَلَعَلَّ وَجْهَ الضَّعْفِ مَا قَالَهُ السَّائِحَانِيُّ: إنَّ حُرِّيَّةَ الْيَدِ لَمْ تَكُنْ فِي الْعَقْدِ وَإِنَّ حُرِّيَّةَ الرَّقَبَةِ بَعْدَ انْتِهَائِهِ (قَوْلُهُ تَحْرِيرُ الْمَمْلُوكِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْقِنَّ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ يَدًا) أَيْ تَصَرُّفًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْيَدِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ.

وَفِي شَرْحِ مِسْكِينٍ أَنَّهُ بَدَلُ بَعْضٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ رَابِطٍ وَبِأَنَّ الْيَدَ هُنَا بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ لَا الْجَارِحَةِ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي رَقَبَةٍ (قَوْلُهُ حَالًا) أَيْ عَقِبَ التَّلَفُّظِ بِالْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ أَحَقَّ بِمَنَافِعِهِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ وَرَقَبَةً مَآلًا) أَخْرَجَ الْعِتْقَ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ، ثُمَّ هَذَا تَعْرِيفٌ بِالْحُكْمِ، وَلَوْ أَرَادَ التَّعْرِيفَ بِالْحَقِيقَةِ لَقَالَ هِيَ عَقْدٌ يَرِدُ عَلَى تَحْرِيرِ الْيَدِ طُورِيٌّ (قَوْلُهُ يَعْنِي عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ) أَفَادَ أَنَّ تَأْخِيرَ الْأَدَاءِ غَيْرُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّاهُ حَالًا عَتَقَ حَالًا) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَلَا تَظُنَّ أَنَّ الْعِتْقَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْأَدَاءِ بَلْ إنَّمَا عَتَقَ عِنْدَ الْأَدَاءِ، لِأَنَّ مُوجِبَ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُثْبِتَ الْعِتْقَ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَثْبُتُ عَقِبَهُ، لَكِنْ يَتَضَرَّرُ الْمَوْلَى بِخُرُوجِ عَبْدِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْكِتَابَةِ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا أَنَّهُ فِي التَّعْلِيقِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَنَهْيُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ وَيَمْلِكُ أَخْذَ كَسْبِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَا يُؤَدَّى عَنْهُ مِمَّا تَرَكَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى يُورَثُ عَنْهُ الْعَبْدُ مَعَ أَكْسَابِهِ، وَلَوْ وَلَدَتْ ثُمَّ أَدَّتْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا، وَلَوْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ فَأَدَّى الْبَاقِيَ أَوْ أَبْرَأهُ عَنْ الْكُلِّ لَمْ يَعْتِقْ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَبِخِلَافِ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ كَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ سَاعَتِهِ وَالْبَدَلُ فِي ذِمَّتِهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَرُكْنُهَا إلَخْ) الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِيمَنْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَقْدِ فِيهِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا كَالْوَلَدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي بَدَائِعُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ) كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا مَتْنًا (قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ إلَى الْبَدَلِ وَمِثْلُهُ كَوْنُهُ مَالًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْبَدَلُ مِلْكَ الْمَوْلَى وَهِيَ شُرُوطُ انْعِقَادٍ، وَكَوْنُهُ مُتَقَوِّمًا وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةٍ.

وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمَوْلَى: فَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْمِلْكُ أَوْ الْوِلَايَةُ فَلَا تَنْفُذُ مِنْ فُضُولِيٍّ بَلْ مِنْ وَكِيلٍ وَكَذَا أَبٌ وَوَصِيٌّ اسْتِحْسَانًا لِلْوِلَايَةِ، وَهَذِهِ شُرُوطُ انْعِقَادٍ. وَالرِّضَا وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةٍ احْتِرَازًا عَنْ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ لَكِنَّ مُكَاتَبَةَ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ نَافِذَةٌ عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ فَمِنْهَا الْعَقْلُ وَهُوَ شَرْطُ انْعِقَادٍ. وَأَمَّا مَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ فَمِنْهُ خُلُوُّ الْعَقْدِ عَنْ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِي صُلْبِهِ مُخَالِفٍ لِمُقْتَضَاهُ، فَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ جَازَ الشَّرْطُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي صُلْبِهِ بَطَلَ وَصَحَّ الْعَقْدُ. بَدَائِعُ مُلَخَّصًا، لَكِنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْبَدَلِ مَالًا خِلَافُ مَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّتِهَا عَلَى الْخِدْمَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْمَالُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَعْلُومًا إلَخْ) فِي الْخَانِيَّةِ: كُلُّ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا فِي النِّكَاحِ يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مُنَجَّمًا أَوْ مُؤَجَّلًا) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُؤَجَّلَ مَا جُعِلَ لِجَمِيعِهِ أَجَلٌ وَاحِدٌ، وَالْمُنَجَّمَ كَمَا سَيَأْتِي مَا فُرِّقَ عَلَى آجَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِكُلِّ بَعْضٍ مِنْهُ أَجَلٌ ط (قَوْلُهُ لِصِحَّتِهَا بِالْحَالِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لَا الرَّقَبَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>