للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا بِالْأَدَاءِ.

وَفِي جَانِبِ الْمَوْلَى ثُبُوتُ وِلَايَةِ مُطَالَبَةِ الْبَدَلِ فِي الْحَالِ إنْ كَانَتْ حَالَّةً وَالْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ إذَا قَبَضَهُ وَعَوْدُ مِلْكِهِ إذَا عَجَزَ.

(كَاتَبَ قِنَّهُ وَلَوْ) الْقِنُّ (صَغِيرًا يَعْقِلُ بِمَالٍ حَالٍّ) أَيْ نَقْدٍ كُلُّهُ (أَوْ مُؤَجَّلٍ) كُلُّهُ (أَوْ مُنَجَّمٍ) أَيْ مُقَسَّطٍ عَلَى أَشْهُرٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ قَالَ جَعَلْت عَلَيْك أَلْفًا تُؤَدِّيهِ نُجُومًا أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا، فَإِنْ أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ عَجَزْت فَقِنٌّ وَقَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ صَحَّ وَصَارَ مُكَاتَبًا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى - {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣]- وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِيَّةِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَلَوْ يَضُرُّ فَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ، وَلَوْ فَعَلَ صَحَّ.

وَلَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ جَازَ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَرَادَ مَنْعَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَيْ لَا يُبْطِلَ عَلَى الْعَبْدِ حَقَّ الْعِتْقِ، وَتَمَامُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا صَحَّتْ الْكِتَابَةُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ دُونَ مِلْكِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ كُلَّ الْبَدَلِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» .

ــ

[رد المحتار]

وَلِهَذَا يُقَالُ: الْمُكَاتَبُ طَارَ عَنْ ذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ وَلَمْ يَنْزِلْ فِي سَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ فَصَارَ كَالنَّعَامَةِ إنْ اُسْتُطِيرَ تَبَاعَرَ وَإِنْ اُسْتُحْمِلَ تَطَايَرَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلًا إلَّا بِالْأَدَاءِ) فَإِنْ أَدَّى يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمَوْلَى إذَا أَدَّيْته إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَوْدُهُ لِمِلْكِهِ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَبْدِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَوْلَى فَاسْتِرْدَادُهُ إلَى مِلْكِهِ إذَا عَجَزَ، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الدُّرَرِ ط

(قَوْلُهُ يَعْقِلُ) أَيْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إذْنٌ لَهُ بِالتِّجَارَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَنَا، فَلَوْ كَانَ لَا يَعْقِلُ أَوْ مَجْنُونًا فَأَدَّى عَنْهُ رَجُلٌ فَقَبِلَ الْمَوْلَى لَا يَعْتِقُ وَاسْتَرَدَّ مَا أَدَّى، وَلَوْ قَبِلَ عَنْهُ رَجُلٌ الْكِتَابَةَ وَرَضِيَ بِهِ الْمَوْلَى لَمْ يَجُزْ أَيْضًا وَهَلْ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ؟ الصَّحِيحُ لَا تَتَوَقَّفُ إذْ لَا مُجِيزَ لَهُ وَقْتَ التَّصَرُّفِ وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لَوْ قَبِلَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْعَبْدِ، فَلَوْ أَدَّى الْقَابِلُ عَنْ الصَّغِيرِ إلَى الْمَوْلَى عَتَقَ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا كَانَ كَبِيرًا غَائِبًا وَلَا يَسْتَرِدُّ الْمُؤَدَّى، فَإِنْ أَدَّى الْبَعْض اسْتَرَدَّهُ إلَّا إذَا بَلَغَ الْعَبْدُ فَأَجَازَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ، فَلَيْسَ لِلْقَابِلِ الِاسْتِرْدَادُ وَإِنْ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِالرَّدِّ إلَى الرِّقِّ بَلْ تَنْتَهِي فَكَانَ الْعَقْدُ قَائِمًا فِيمَا أَدَّى. بَدَائِعُ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ بِمَالٍ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَنْ الْخِدْمَةِ لِمَا سَيَأْتِي شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ حَالٍّ) كَقَوْلِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْصُلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ أَوْ الِاسْتِيهَابِ عَقِبَ الْعَقْدِ إتْقَانِيٌّ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَفِي الْحَالِ كَمَا امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ. قَالَ الأتقاني: وَلَكِنْ لَا يُرَدّْ إلَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِنْ قَالَ أَخِّرْنِي وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ يُرْجَى قُدُومُهُ أُخِّرَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ أَوْ مُؤَجَّلٍ) هُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي السِّرَاجِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ) لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ يَحْتَمِلُ الْكِتَابَةَ وَالْعِتْقَ عَلَى مَالٍ، وَلَا تَتَعَيَّنُ جِهَةُ الْكِتَابَةِ إلَّا بِهَذَا الْقَيْدِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزْت لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ حَثًّا لِلْعَبْدِ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَ النُّجُومِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَالتَّبْيِينِ، وَمَا زَعَمَهُ الْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ لُزُومِ الثَّانِي أَيْضًا رَدَّهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِحُصُولِ الْمُرَادِ بِالْأَوَّلِ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ فَذَاكَ فِي الْكِتَابَةِ الصَّرِيحَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الأتقاني (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣] فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ الْحَالَّ وَالْمُؤَجَّلَ وَالصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَجُوزُ كِتَابَةُ الصَّغِيرِ وَلَا الْحَالَّةِ. زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ لِلنَّدْبِ) أَيْ لِلْوُجُوبِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ هِدَايَةٌ، وَخَصَّ الْفُقَهَاءُ لِأَنَّهُ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ لِلْوُجُوبِ إذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ وَعَلِمَ الْمَوْلَى فِيهِ خَيْرًا. كِفَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا إنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢] وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِيهِ إلْغَاءَ الشَّرْطِ وَهُوَ الْخَيْرِيَّةُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ ثَابِتَةٌ بِدُونِهِ، وَفِي النَّدْبِ إعْمَالٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِيَّةِ إلَخْ) وَقِيلَ الْوَفَاءُ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَالصَّلَاحُ، وَقِيلَ الْمَالُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ جَازَ) فَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ نِصْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>