ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَغَرِمَ الْمَوْلَى الْعُقْرَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ (أَوْ جَنَى عَلَيْهَا) فَإِنَّهُ يَغْرَمُ أَرْشَهَا (أَوْ جَنَى عَلَى وَلَدِهَا أَوْ أَتْلَفَ) الْمَوْلَى (مَالَهَا) لِأَنَّهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ، نَعَمْ لَا حَدَّ وَلَا قَوَدَ عَلَى الْمَوْلَى لِلشُّبْهَةِ شُمُنِّيٌّ
(وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ مَجَّانًا) لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ
(وَ) فَسَدَ (إنْ) كَاتَبَهُ (عَلَى خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ) لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، فَلَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ جَازَ (أَوْ عَلَى قِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ نَفْسِ الْعَبْدِ لِجَهَالَةِ الْقَدْرِ (أَوْ عَلَى عَيْنٍ) مُعَيَّنَةٍ (لِغَيْرِهِ) لِعَجْزِهِ عَنْ تَسْلِيمِ مِلْكِ الْغَيْرِ (أَوْ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ لِيَرُدَّ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
وَسَعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ الْآتِي
(قَوْلُهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ لَا عَلَى قَوْلِهِ دُونَ مِلْكِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَجْمَعِ وَبِهَذَا اعْتَرَضَ الطُّورِيُّ عَلَى الْكَنْزِ حَيْثُ أَتَى بِالْوَاوِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ التَّسْهِيلِ: وَلَوْ شَرَطَ وَطْأَهَا فِي الْعَقْدِ لَا يَضْمَنُ الْعُقْرَ اهـ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي أَوَائِلِ بَابِ مَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ. سَعْدِيَّةٌ.
أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَسَادُ الْكِتَابَةِ بِهَذَا الشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ، لَكِنْ فِي الطُّورِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ: فَإِنْ وُطِئَتْ ثُمَّ أَدَّتْ غَرِمَ عُقْرَهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ) أَقُولُ: الْحُرْمَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْعُقْرَ كَمَا لَا يَخْفَى، فَالْمُنَاسِبُ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَخَصَّ بِأَجْزَائِهَا، ثُمَّ الْعُقْرُ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ فِي الْحَرَائِرِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَفِي الْإِمَاءِ عُشْرُ الْقِيمَةِ لَوْ بِكْرًا، وَنِصْفُ الْعُشْرِ لَوْ ثَيِّبًا، وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عُقْرٌ وَاحِدٌ، وَمَا تَأْخُذُهُ مِنْ الْعُقْرِ تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةٍ مَمْلُوكَةٍ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ قَبْلَ هَذَا: ثُمَّ مَالُ الْعَبْدِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَقْدُ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْشُ وَالْعُقْرُ وَإِنْ حَصَلَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَكَذَا قَالَ الْحَدَّادِيُّ. وَأَمَّا أَرْشُ الْجِرَاحَةِ وَالْعُقْرِ فَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى اهـ فَلْيُنْظَرْ فِيهِ مَعَ إلْزَامِ الْمَوْلَى الْعُقْرَ بِوَطْئِهَا وَالْأَرْشُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا اهـ. وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَاتَبَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ، وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا كَاتَبَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ اهـ.
قُلْت: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ السِّرَاجِ: الْكِتَابَةُ إمَّا عَنْ النَّفْسِ خَاصَّةً أَوْ عَنْهَا وَعَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَبْدِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ مَا فِي يَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَدَلِهَا فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى إلَّا بَدَلُ الْكِتَابَةِ اهـ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ حَيْثُ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابَةِ عَنْ النَّفْسِ وَالْمَالِ. ثُمَّ قَالَ: وَمَالُهُ هُوَ حَصَلَ لَهُ مِنْ تِجَارَتِهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَالْعُقْرِ فَلِلْمَوْلَى اهـ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ، وَعَلَيْهِ فَلَمْ يَظْهَرْ بَيْنَ الْكِتَابَتَيْنِ فَرْقٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ أَتْلَفَ الْمَوْلَى مَالَهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ أَوْ أَرْشَهُ أَوْ عَبْدًا مَثَلًا (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) أَيْ شُبْهَةِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ
(قَوْلُهُ مَجَّانًا) أَيْ لَوْ كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا، فَلَوْ مَرِيضًا اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ قُهُسْتَانِيُّ
(قَوْلُهُ وَفَسَدَ إنْ كَاتَبَهُ) لَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِ فَسَدَ كَمَا لَا يَخْفَى أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ أَنَّ فِي الْفَاسِدَةِ لِلْمَوْلَى الْفَسْخَ بِلَا رِضَاهُ، بِخِلَافِ الْجَائِزَةِ وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ جَازَ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا لَا يَجُوزُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى قِيمَتِهِ) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ قَبْلَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِئَلَّا يُوهِمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْخِنْزِيرِ وَإِنْ صَحَّ عَوْدُهُ عَلَى الْخَمْرِ
(قَوْلُهُ لِجَهَالَةِ الْقَدْرِ) أَيْ بِاخْتِلَافِ التَّقْوِيمِ، لَكِنْ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ وَتَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا، وَإِلَّا فَإِنْ اتَّفَقَ اثْنَانِ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ الْقِيمَةُ وَإِلَّا فَيَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْأَقْصَى قُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، حَتَّى لَوْ كَاتَبَ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِعَيْنِهَا وَهِيَ لِغَيْرِهِ يَجُوزُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ) فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ فِي يَدِ