وَوَسَطُ الْعَبِيدِ فِي زَمَانِنَا الْحَبَشِيُّ (وَإِنْ أَمْهَرَهَا الْعَبْدَيْنِ وَ) الْحَالُ أَنَّ (أَحَدَهُمَا حُرٌّ فَمَهْرُهَا الْعَبْدُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (إنْ سَاوَى أَقَلَّهُ) أَيْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ (وَإِلَّا كَمَّلَ لَهَا الْعَشَرَةَ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُسَمَّى وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُ مَهْرَ الْمِثْلِ. وَعِنْدَ الثَّانِي لَهَا قِيمَةَ الْحُرَّ لَوْ عَبْدًا وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا.
(وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَهُوَ الَّذِي فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ كَشُهُودٍ
ــ
[رد المحتار]
وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ إنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ لَزِمَ تَسْلِيمُهُ، وَكَذَا إنْ سَكَتَ عَنْهُ وَكَانَ الْعُرْفُ بِهِ مَشْهُورًا مَعْلُومًا عِنْدَ الزَّوْجِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ تَبَرُّعًا وَعِدَّةً لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا لِقَبْضِهِ وَلَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَازِمًا مُفْسِدًا لِلتَّسْمِيَةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْهَدِيَّةِ وَالْإِكْرَامُ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ بِدَفْعِهِ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ.
أَوْ يُقَالُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ مَعْلُومِ النَّوْعِ مَجْهُولِ الْوَصْفِ كَالْفَرَسِ وَالْعَبْدِ فَإِنَّ التَّفَاوُتَ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ فِي الْعُرْفِ، فَمِثْلُ اللِّفَافَةِ يُعْرَفُ نَوْعُهَا أَنَّهَا مِنْ الْقَبْضِ وَالْحَرِيرِ أَوْ مِنْ الْقُطْنِ وَالْحَرِيرِ بِاعْتِبَارِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَقِلَّةِ الْمَهْرِ وَكَثْرَتِهِ، وَكَذَا بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ، فَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا، فَهَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ الْأَوْهَامُ وَزَلَّتْ الْأَقْدَامُ، فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَالسَّلَامُ.
(قَوْلُهُ وَوَسَطُ الْعَبِيدِ فِي زَمَانِنَا الْحَبَشِيُّ) وَأَمَّا أَعْلَاهُ فَالرُّومِيُّ وَأَدْنَاهُ الزِّنْجِيُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ. ذَكَرُوا أَنَّ ذَلِكَ عُرْفُ الْقَاهِرَةِ. وَذَكَرَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ أَنَّ الْحَبَشِيَّ فِي عُرْفِنَا لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَتَى أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْأَسْوَدِ، فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْعَبْدِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْ السُّودَانِ اهـ.
قُلْت: وَالْعَبْدُ فِي عُرْفِ الشَّامِ لَا يَشْمَلُ الرُّومِيَّ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مَمْلُوكًا بَلْ يَشْمَلُ الْحَبَشِيَّ وَالزِّنْجِيَّ وَكَذَا الْجَارِيَةُ وَالرُّومِيَّةُ تُسَمَّى سَرِيَّةً، وَعَلَيْهِ فَالْوَسَطُ أَعْلَى الزِّنْجِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْهَرَهَا الْعَبْدَيْنِ إلَخْ) أَرَادَ بِالْعَبْدَيْنِ الشَّيْئَيْنِ الْحَلَالَيْنِ وَبِالْحُرِّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَرَامًا فَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهَذَا الْبَيْتِ فَإِذَا الْعَبْدُ حُرٌّ، أَوْ عَلَى مَذْبُوحَتَيْنِ فَإِذَا إحْدَاهُمَا مَيِّتَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ يُمْنَعُ مَهْرُ الْمِثْلِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ، لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَهَا قِيمَةُ الْحُرَّ لَوْ عَبْدًا) أَيْ لَهَا مَعَ الْعَبْدِ الْبَاقِي قِيمَةُ الْحُرَّ لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُ عَبْدًا (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ) ، وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ الْمُسَمَّيَيْنِ، فَإِنَّ لَهَا الْبَاقِي وَقِيمَةَ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّا جَمِيعًا فَلَهَا قِيمَتُهُمَا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ.
[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]
ِ (قَوْلُهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَحُكْمُ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ كَالدُّخُولِ فِي الْفَاسِدِ، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، خِلَافًا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، وَسَنَذْكُرُ فِي الْعِدَّةِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ كَشُهُودٍ) وَمِثْلُهُ تَزَوُّجُ الْأُخْتَيْنِ مَعًا وَنِكَاحُ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ وَالْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ. وَفِي الْمُحِيطِ: تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمَةً فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُحَدَّانِ وَأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ وَالْعِدَّةُ إنْ دَخَلَ بَحْرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute