للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِالْوَطْءِ) فِي الْقُبُلِ (لَا بِغَيْرِهِ) كَالْخَلْوَةِ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا (وَلَمْ يَزِدْ) مَهْرُ الْمِثْلِ (عَلَى الْمُسَمَّى) لِرِضَاهَا بِالْحَطِّ، وَلَوْ كَانَ دُونَ الْمُسَمَّى لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ جُهِلَ لَزِمَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَ) يَثْبُتُ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ عَنْ صَاحِبِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ فَصْلٍ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: نَكَحَ كَافِرٌ مُسْلِمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَفْهُومِ فَافْهَمْ، وَمُقْتَضَاهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي النِّكَاحِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ قُبَيْلَ التَّكَلُّمِ عَلَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ. أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاطِلِ مَا وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَلِذَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا الْعِدَّةُ فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ. وَفَسَّرَ الْقُهُسْتَانِيُّ هُنَا الْفَاسِدَ بِالْبَاطِلِ، وَمَثَّلَهُ بِنِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَبِإِكْرَاهٍ مِنْ جِهَتِهَا أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ إلَخْ وَتَقْيِيدُهُ الْإِكْرَاهَ بِكَوْنِهِ مِنْ جِهَتِهَا قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَوَّلَ النِّكَاحِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَشَرْطُ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ فَالدُّخُولُ فِيهِ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ.

أَمَّا نِكَاحُ مَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ وَمُعْتَدَّتِهِ فَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ إنْ عُلِمَ أَنَّهَا لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا. قَالَ: فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ فَاسِدِهِ وَبَاطِلِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ زِنَى كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْعِدَّةِ، أَمَّا فِيهَا فَالْفَرْقُ ثَابِتٌ. وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الْبَحْرِ هُنَا وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى مِثْلُ نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ مَعًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ وَلَكِنْ لِيُنْظَرْ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَعِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعِيَّةَ فِي الْعَقْدِ لَا فِي مِلْكِ الْمُتْعَةِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَالْمُتَأَخِّرُ بَاطِلٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ فِي الْقُبُلِ) فَلَوْ فِي الدُّبُرِ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ النَّسْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْقُنْيَةِ فَلَا يَجِبُ بِالْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ بِشَهْوَةٍ شَيْءٌ بِالْأَوْلَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَالْخَلْوَةِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا) أَيْ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ فَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ فَلَا تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمَشَايِخِ: الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِفَسَادِ الْخَلْوَةِ بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالصَّحِيحَةِ هُنَا الْخَالِيَةُ عَمَّا يَمْنَعُهَا أَوْ يُفْسِدُهَا مِنْ وُجُودِ ثَالِثٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا سِوَى فَسَادِ الْعَقْدِ لِظُهُورِ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَهَذَا سَبَبُ الْمُسَامَحَةِ وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ الْخَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ مَعَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ تُوجِبُهَا كَمَا مَرَّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَزِدْ مَهْرُ الْمِثْلِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ، بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ الْوَاجِبِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فَافْهَمْ.

هَذَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ تَزَوَّجَ مَحْرَمَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلٍ بَالِغًا مَا بَلَغَ اهـ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ وَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَرَةَ الِاخْتِلَافِ وَبَيَانًا لِوَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِرِضَاهَا بِالْحَطِّ) لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تُسَمِّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ رَاضِيَةً بِالْحَطِّ مُسْقِطَةً حَقَّهَا فِيهَا لَا لِأَجْلِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ صَحِيحَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِوُقُوعِهَا فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلَيْسَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>