فُرُوعٌ] الْمُعْتَبَرُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَقْتُ التَّكْفِيرِ، أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَنْ نِصْفِ الْإِطْعَامِ، فَيُعِيدُ عَلَى سِتِّينَ مِنْهُمْ غَدَاءً، أَوْ عَشَاءً وَلَوْ فِي يَوْمٍ آخَرَ لِلُزُومِ الْعَدَدِ مَعَ الْمِقْدَارِ، وَلَمْ يَجُزْ إطْعَامُ فَطِيمٍ وَلَا شَبْعَانَ.
بَابُ اللِّعَانِ:
هُوَ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ كَقَاتَلَ، مِنْ اللَّعْنِ: وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، سُمِّيَ بِهِ لَا بِالْغَضَبِ لِلَعْنِهِ نَفْسَهُ قَبْلَهَا وَالسَّبْقُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ. وَشَرْعًا (شَهَادَاتٌ) أَرْبَعَةٌ كَشُهُودِ الزِّنَا (مُؤَكَّدَاتٌ بِالْأَيْمَانِ مَقْرُونَةٌ شَهَادَتُهُ) بِاللَّعْنِ وَشَهَادَتُهَا بِالْغَضَبِ لِأَنَّهُنَّ يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، فَكَانَ الْغَضَبُ أَرْدَعَ لَهَا (قَائِمَةٌ) شَهَادَاتُهُ (مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فِي حَقِّهِ وَ) شَهَادَاتُهَا (مَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّهَا)
أَيْ إذَا تَلَاعَنَا سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَعَنْهَا حَدُّ الزِّنَا.
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْيِينِ اللَّغْوِ تَعْيِينُ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ لَا فَرْدٍ خَاصٍّ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مُتَّحِدَ الْجِنْسِ يُعْرَفُ بِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَمُخْتَلَفِهِ بِاخْتِلَافِهِ، وَلِذَا كَانَ صَوْمُ رَمَضَانَ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ مِنْ الثَّانِي، وَكَذَا صَوْمُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَقْتُ التَّكْفِيرِ) بِرَفْعِ " وَقْتُ " عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ " الْمُعْتَبَرُ "، حَتَّى لَوْ كَانَ وَقْتَ الظِّهَارِ غَنِيًّا وَوَقْتَ التَّكْفِيرِ فَقِيرًا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَعَلَى الْعَكْسِ لَمْ يَجْزِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْلَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ عَلَى سِتِّينَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا غَدَّى الْعَدَدَ ثُمَّ غَابُوا أَنْ يَنْتَظِرَ حُضُورَهُمْ، أَوْ يُعِيدَ الْغَدَاءَ مَعَ الْعَشَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ بَحْرٌ، فَلَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ وَصِيًّا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الِانْتِظَارُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ وُجُودِهِمْ فَيَسْتَأْنِفَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: لِلُزُومِ الْعَدَدِ) وَهُوَ السِّتُّونَ مَعَ الْمِقْدَارِ، وَهُوَ الْأَكْلَتَانِ الْمُشْبِعَتَانِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَالصَّاعُ، أَوْ نِصْفُهُ فِي التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ إطْعَامُ فَطِيمٍ وَلَا شَبْعَانَ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَاب اللِّعَان]
ِ (قَوْلُهُ: مَصْدَرُ لَاعَنَ) أَيْ سَمَاعًا، وَالْقِيَاسُ الْمُلَاعَنَةُ، لَكِنْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ النُّحَاةِ أَنَّهُ قِيَاسِيٌّ أَيْضًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِهِ لَا بِالْغَضَبِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ذِكْرِ الْغَضَبِ فِي جَانِبِهَا كَمَا اشْتَمَلَ عَلَى ذِكْرِ اللَّعْنِ فِي جَانِبِهِ (قَوْلُهُ: شَهَادَاتٌ أَرْبَعَةٌ) هَذَا بَيَانٌ لِرُكْنِهِ، وَدَلَّ عَلَى اشْتِرَاطِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلشَّهَادَةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا - كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ - لَا أَهْلِيَّةِ الْيَمِينِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كَشُهُودِ الزِّنَا) أَيْ اعْتَبَرْنَاهُ بِهِمْ، فَالْمَلَاعِنُ لَمَّا كَانَ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ كُرِّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ط (قَوْلُهُ: مُؤَكَّدَاتٌ بِالْأَيْمَانِ) أَيْ مُقَوَّيَاتٌ بِهَا لِأَنَّ لَفْظَهُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِاللَّعْنِ) أَيْ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَمِثْلُهُ الْغَضَبُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُنَّ يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ) كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «إنَّهُنَّ يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» أَيْ الزَّوْجَ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: فَعَسَاهُنَّ يَجْتَرِئْنَ عَلَى الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ جَرْيِهِ عَلَى أَلْسِنَتِهِنَّ وَسُقُوطِ وَقْعِهِ عَنْ قُلُوبِهِنَّ، فَقُرِنَ الرُّكْنُ فِي جَانِبِهِنَّ بِالْغَضَبِ رَدْعًا لَهُنَّ عَنْ الْإِقْدَامِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ كَذِبِهِ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ أَبَدًا، وَبِهِ جَزَمَ الْعَيْنِيُّ هُنَا تَبَعًا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْقَذْفِ أَنَّهَا تُقْبَلُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: وَمَقَامَ حَدِّ الزِّنَا فِي حَقِّهَا) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ صِدْقِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا تَلَاعَنَا إلَخْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute