للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدُخُولَ الْكُفْرِ هُنَا لِأَنَّهُ تَرْكٌ. وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ هِبَةٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ وَإِبْرَاءٍ عَنْهَا بِمُلَائِمٍ

(وَمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى) الزَّمَانِ (الْمُسْتَقْبَلِ

ــ

[رد المحتار]

كَوْنَهُ فَلَا يَقْصِدُ تَحْصِيلَ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ عَمَلٌ، بِخِلَافِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ تَرْكٌ، وَنَظِيرُهُ الْإِقَامَةُ وَالصِّيَامُ، فَلَا يَصِيرُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا، وَلَا الصَّائِمُ مُفْطِرًا، وَلَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ، وَيَصِيرُ مُقِيمًا وَصَائِمًا وَكَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ، فَإِذَا عَلَّقَهُ الْمُسْلِمُ عَلَى فِعْلٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي فِعْلِهِ فَيَكُونُ قَاصِدًا لِلْكُفْرِ فَيَكْفُرُ بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ اهـ (قَوْلُهُ وَدُخُولُ الْكُفْرِ هُنَا) أَيْ فِيمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ. وَفِيهِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَمَا سَمِعْته آنِفًا لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِدُخُولِ الْكُفْرِ فِي هَذَا الْقِسْمِ بَلْ فِيهِ مَا يُنَافِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ: أَيْ تَرَكَ الْعَمَلَ وَالتَّصْدِيقَ فَيَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ تَعْلِيقُهُ لَمَا وُجِدَ فِي الْحَالِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ هِبَةً) فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِ " أَنْ " بَاطِلٌ، وَبِ " عَلَى ": إنْ مُلَائِمًا كَهِبَتِهِ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ يَجُوزُ؛ وَإِنْ مُخَالِفًا بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ اهـ بَحْرٌ.

وَهَذَا مُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ لَا فِي التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ، لِأَنَّ هَذَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ ذَكَرَ الْهِبَةَ فِيمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَافْهَمْ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْمَنَاقِبِ عَنْ النَّاصِحِيِّ: لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَقَدْ مَلَكْتهَا مِنْك يَصِحُّ، وَمَعْنَاهُ إذَا قَبَضَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ اهـ أَيْ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِنَاءً عَلَى التَّمْلِيكِ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِإِنْ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعَ إطْلَاقِ بُطْلَانِهِ، وَلَعَلَّهُ قَوْلٌ آخَرُ يَجْعَلُ التَّعْلِيقَ بِالْمُلَائِمِ صَحِيحًا كَالتَّقْيِيدِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَتَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ إنْ مُتَعَارَفًا كَقُدُومِ الْمَطْلُوبِ يَصِحُّ، وَإِنْ شَرْطًا مَحْضًا كَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ لَا وَالْكَفَالَةُ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَنَصَّ النَّسَفِيُّ أَنَّ الشَّرْطَ إنْ لَمْ يَتَعَارَفْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْحَوَالَةُ كَهِيَ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِبْرَاءٍ عَنْهَا) كَإِنْ وَافَيْت بِهِ غَدًا فَأَنْتَ بَرِيءٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِمُلَائِمِ) قَيْدٌ لِلْأَرْبَعَةِ.

[تَتِمَّةٌ] بَقِيَ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ دَعْوَةُ الْوَلَدِ كَإِنْ كَانَتْ جَارِيَتِي حَامِلًا فَمِنِّي وَكَذَا الْوَصِيَّةُ وَالْإِيصَاءُ وَالْوَكَالَةُ وَالْعَزْلُ عَنْ الْقَضَاءِ فَهَذِهِ نَصَّ فِي الْبَحْرِ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ شَرْحِهَا وَنَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ إذَا عُلِّقَ بِكَائِنٍ أَوْ بِمُتَعَارَفٍ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ إذْنَ الْقِنِّ وَكَذَا النِّكَاحُ بِشَرْطِ عِلْمٍ لِلْحَالِ وَكَذَا تَعْلِيقُ الْإِمْهَالِ أَيْ تَأْجِيلُ الدَّيْنِ غَيْرِ الْقَرْضِ إنْ عُلِّقَ بِكَائِنٍ وَلَوْ قَالَ بِعْته بِكَذَا إنْ رَضِيَ فُلَانٌ جَازَ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ بِعْته مِنْك إنْ شِئْت فَقَالَ قَبِلْت تَمَّ الْبَيْعُ وَقَدَّمْنَا تَقْيِيدَ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بِمَا إذَا وَقَّتَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَذَكَرَ خِلَافًا فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْقَبُولِ.

[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

(قَوْلُهُ وَمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِيمَا يُضَافُ وَمَا لَا يُضَافُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى التَّعْلِيقِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ لِذَلِكَ ضَابِطًا، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْإِضَافَةِ: هُوَ التَّعْلِيقُ يَمْنَعُ الْمُعَلَّقَ عَنْ السَّبَبِيَّةِ لِلْحُكْمِ فَإِنَّ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ سَبَبٌ لِلطَّلَاقِ. فِي الْحَالِ، فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مُنِعَ انْعِقَادُهُ سَبَبًا لِلْحَالِ وَجَعَلَهُ مُتَأَخِّرًا إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، فَعِنْدَ وُجُودِهِ يَنْعَقِدُ سَبَبًا مُفْضِيًا إلَى حُكْمِهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ. وَأَمَّا الْإِيجَابُ الْمُضَافُ مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ لِانْتِفَاءِ التَّعْلِيقِ الْمَانِعِ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِيَّةِ، لَكِنْ يَتَأَخَّرُ حُكْمُهُ إلَى الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَالْإِضَاقَةُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ السَّبَبِيَّةِ بَلْ تُؤَخِّرُ حُكْمَهُ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ، فَإِذَا قَالَ إنْ جَاءَ غَدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَدُّقُ قَبْلَ الْغَدِ لِأَنَّهُ لَا تَعْجِيلَ قَبْلَ السَّبَبِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا غَدًا لَهُ التَّعْجِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>