ذَلِكَ أَمَرَ الْقَاضِي بِالْمُهَايَأَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ إنْ شِئْت فَانْتَفِعْ، وَإِنْ شِئْت فَأَغْلِقْ الْبَابَ. .
[مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ]
(دُورٌ مُشْتَرَكَةٌ أَوْ دَارٌ وَضِيعَةٌ أَوْ دَارٌ وَحَانُوتٌ قُسِمَ كُلٌّ وَحْدَهَا) مُنْفَرِدَةً مُطْلَقًا وَلَوْ مُتَلَازِقَةً أَوْ فِي مَحَلَّتَيْنِ أَوْ مِصْرَيْنِ مِسْكِينٌ (إذَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا) وَقَالَا: إنْ الْكُلُّ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ فَالرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي، وَإِنْ فِي مِصْرَيْنِ فَقَوْلُهُمَا كَقَوْلِهِ (وَيُصَوِّرُ الْقَاسِمُ مَا يَقْسِمُهُ عَلَى قِرْطَاسٍ) لِيَرْفَعَهُ لِلْقَاضِي (وَيُعَدِّلُهُ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ وَبِذَرْعِهِ، وَيُقَوِّمُ الْبِنَاءَ وَيُفْرِزُ كُلَّ نَصِيبٍ بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ، وَيُلَقِّبُ الْأَنْصِبَاءَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ) وَهَلُمَّ جَرًّا (وَيَكْتُبُ أَسَامِيَهُمْ وَيَقْرَعُ) لِتَطِيبَ الْقُلُوبُ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ
(قَوْلُهُ أَمَرَ الْقَاضِي بِالْمُهَايَأَةِ) أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ ٣٤ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَعْضِ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ اهـ، وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ. وَانْظُرْ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ وَهِيَ تَقَعُ كَثِيرًا، يَقُولُ لِي خَشَبَةٌ أَسْكُنُ تَحْتُهَا فَلْيُحَرَّرْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْمُهَايَأَةِ وَأَحْكَامُهَا آخِرَ الْبَابِ وَأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْبُرُ عَلَيْهَا بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا وَمِنْهُ يَظْهَرُ الْجَوَابُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ دُورٌ مُشْتَرَكَةٌ) مِثْلُهَا الْأَقْرِحَةُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَهِيَ جَمْعُ قِرَاحٍ: قِطْعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى حِيَالِهَا لَا شَجَرَ فِيهَا وَلَا بِنَاءَ. وَاحْتَرَزَ بِالدُّورِ عَنْ الْبُيُوتِ وَالْمَنَازِلِ جَمْعُ مَنْزِلٍ أَصْغَرُ مِنْ الدَّارِ وَأَكْبَرُ مِنْ الْبَيْتِ، لِأَنَّهُ دُوَيْرَةٍ صَغِيرَةٌ فِيهَا بَيْتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَالْبَيْتُ مُسْقَفٌ وَاحِدٌ لَهُ دِهْلِيزٌ (قَوْلُهُ مُنْفَرِدَةً) أَيْ يُقْسَمُ كُلٌّ مِنْ الدُّورِ أَوْ الدَّارِ وَالضَّيْعَةِ: وَهِيَ عَرْصَةٌ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ أَوْ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ: وَهُوَ الدُّكَّانُ قِسْمَةَ فَرْدٍ، فَتُقْسَمُ الْعَرْصَةُ بِالذِّرَاعِ وَالْبِنَاءُ بِالْقِيمَةِ قُهُسْتَانِيٌّ لَا قِسْمَةَ جَمْعٍ، بِأَنْ يَجْمَعَ حِصَّةَ بَعْضِهِمْ فِي الدَّارِ مَثَلًا وَحِصَّةَ الْآخَرِ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ فِي حُكْمِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلِذَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: لَوْ اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا الْجِنْسَانِ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَنَازِلَ وَالْبُيُوتَ الْمُحْتَرَزَ عَنْهَا. قَالَ مِسْكِينٌ: وَالْبُيُوتُ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً مُتَبَايِنَةً أَوْ مُتَلَازِقَةً، وَالْمَنَازِلُ كَالْبُيُوتِ لَوْ مُتَلَازِقَةً وَكَالدُّورِ لَوْ مُتَبَايِنَةً. وَقَالَا فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا بِنَظَرِ الْقَاضِي إلَى أَعْدِلْ الْوُجُوهِ فَيُمْضِي الْقِسْمَةَ عَلَى ذَلِكَ اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَا فِي مِصْرَيْنِ فَقَوْلُهُمَا كَقَوْلِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ وَإِلَّا فَالْمَنَازِلُ وَالْبُيُوتُ وَلَوْ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا فِي زَمَانِنَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ هُنَا لِأَنَّ الْبُيُوتَ لَا تَتَفَاوَتُ فِي مَعْنَى السُّكْنَى وَلِهَذَا تُؤْجَرُ أُجْرَةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ، وَكَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَإِفْتَاؤُهُمْ هُنَاكَ بِقَوْلِ زُفَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةٍ دَاخِلَ الْبُيُوتِ لِتَفَاوُتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مِصْرَيْنِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوَّلًا اهـ ح (قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ كُلُّهَا فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا) لَوْ قَالَ وَلَوْ فِي مِصْرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ اَ هـ ح (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُمَا كَقَوْلِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَكَقَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَيُصَوِّرُ الْقَاسِمُ إلَخْ) أَيْ يَنْبَغِي إذَا شَرَعَ فِي الْقِسْمَةِ أَنْ يُصَوِّرَ مَا يَقْسِمُهُ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي كَاغِدِهِ أَنَّ فُلَانًا نَصِيبُهُ كَذَا وَفُلَانًا كَذَا لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ إنْ أَرَادَ رَفْعَهُ لِلْقَاضِي لِيَتَوَلَّى الْإِقْرَاعَ بَيْنَهُمْ بِنَفْسِهِ وَيُعَدِّلُهُ أَيْ يُسَوِّيهِ، وَيُرْوَى بِعَزْلِهِ: أَيْ يَقْطَعُهُ بِالْقِسْمَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيَذْرَعُهُ) شَامِلٌ لِلْبِنَاءِ، لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَيَذْرَعُهُ وَيُقَوِّمُ الْبِنَاءَ لِأَنَّ قَدْرَ الْمِسَاحَةِ يُعْرَفُ بِالذَّرْعِ وَالْمَالِيَّةِ بِالتَّقْوِيمِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِمَا لِيُمْكِنَ التَّسْوِيَةُ فِي الْمَالِيَّةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْأَرْضِ وَذَرْعِ الْبِنَاءِ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيُفْرِزُ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ هِدَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهَا إذَا شَرَطَ الْقَاسِمُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا صَرْفٌ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَطِيبَ الْقُلُوبُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْقُرْعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ حَتَّى إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ عَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبًا مِنْ غَيْرِ إقْرَاعٍ جَازَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْقَضَاءِ فَمَلَكَ الْإِلْزَامَ هِدَايَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute