للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ نَافِلَةً وَجِنَازَةً فَنَافِلَةٌ، وَلَا تَبْطُلُ بِنِيَّةِ التَّطَلُّعِ مَا لَمْ يُكَبِّرْ بِنِيَّةٍ مُغَايِرَةٍ، وَلَوْ نَوَى فِي صَلَاتِهِ الصَّوْمَ صَحَّ.

بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ شُرُوعٌ فِي الْمَشْرُوطِ بَعْدَ بَيَانِ الشَّرْطِ: هِيَ لُغَةً: مَصْدَرٌ. وَعُرْفًا: كَيْفِيَّةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فَرْضٍ وَوَاجِبٍ وَسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ

ــ

[رد المحتار]

لَا مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ فَنَافِلَةٌ) لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مُطْلَقَةٌ وَتِلْكَ دُعَاءٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ) وَكَذَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهَا ط (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُكَبِّرْ بِنِيَّةٍ مُغَايِرَةٍ) بِأَنْ يُكَبِّرَ نَاوِيًا النَّفَلَ بَعْدَ شُرُوعِ الْفَرْضِ وَعَكْسَهُ، أَوْ الْفَائِتَةَ بَعْدَ الْوَقْتِيَّةِ وَعَكْسَهُ، أَوْ الِاقْتِدَاءَ بَعْدَ الِانْفِرَادِ وَعَكْسَهُ. وَأَمَّا إذَا كَبَّرَ بِنِيَّةِ مُوَافَقَةٍ كَأَنْ نَوَى الظُّهْرَ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى لَا تَبْطُلُ وَيَبْنِي عَلَيْهَا. وَلَوْ بَنَى عَلَى الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ ط (قَوْلُهُ الصَّوْمَ) وَنَحْوُهُ الِاعْتِكَافُ وَلَكِنْ الْأَوْلَى عَدَمُ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ ط، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ شُرُوعٌ فِي الْمَشْرُوطِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لِلصَّلَاةِ وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْعَقْلِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهُوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَشْرُوطُ؛ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ ط (قَوْلُهُ هِيَ لُغَةً مَصْدَرٌ) يُقَالُ: وَصَفَ الشَّيْءَ وَصْفًا وَصِفَةً نَعَتَهُ، وَالصِّفَةُ كَالْعَلَمِ وَالسَّوَادِ قَامُوسٌ.

وَفِي تَعْرِيفَاتِ السَّيِّدِ: الْوَصْفُ عِبَارَةٌ عَمَّا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ جَوْهَرِ حُرُوفِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ بِصِيغَتِهِ كَأَحْمَرَ، فَإِنَّهُ بِجَوْهَرِ حُرُوفِهِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى مَقْصُودٍ وَهُوَ الْحُمْرَةُ، فَالْوَصْفُ وَالصِّفَةُ مَصْدَرَانِ كَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ. وَالْمُتَكَلِّمُونَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فَقَالُوا، الْوَصْفُ يَقُومُ بِالْوَاصِفِ، وَالصِّفَةُ تَقُومُ بِالْمَوْصُوفِ اهـ لَكِنَّ كَلَامَ الْقَامُوسِ يَدُلُّ عَلَى إطْلَاقِ الصُّفَّةِ عَلَى مَا قَامَ بِالْمَوْصُوفِ لُغَةً أَيْضًا، فَالصِّفَةُ تَكُونُ مَصْدَرًا وَاسْمًا وَالْوَصْفُ مَصْدَرٌ فَقَطْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. وَلَا يُنْكَرُ أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ الْوَصْفُ وَيُرَادُ الصِّفَةُ، وَبِهَذَا لَا يَلْزَمُ الِاتِّحَادُ لُغَةً إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْوَصْفَ مَصْدَرٌ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَصْفَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ اسْمًا بِمَعْنَى الصِّفَةِ مَجَازًا لَا لُغَةً فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُهُمَا، خِلَافًا لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ وَعُرْفًا كَيْفِيَّةٌ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَإِلَّا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصِّفَةَ تَكُونُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرًا وَاسْمًا وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِصِفَةِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً لَا لِمُطْلَقِ الصِّفَةِ. قَالَ ح: فَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ صِفَةُ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، فَبَعْضُ الْأَجْزَاءِ صِفَتُهُ الْفَرْضِيَّةُ كَالْقِيَامِ، وَبَعْضُهَا الْوُجُوبُ كَالتَّشَهُّدِ، وَبَعْضُهَا السُّنِّيَّةُ كَالثَّنَاءِ، وَبَعْضُهَا النَّدْبُ كَنَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ فِي الْقِيَامِ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْمُضَافَ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ بَيَانِ صِفَةِ الْأَجْزَاءِ لَا صِفَةِ نَفْسِ الصَّلَاةِ اهـ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ هُنَا الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْعَقْلِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهُوِيَّةِ الْخَارِجِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَا فِي النَّهْرِ.

قَالَ ط: وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنَ وَالْمَنْدُوبَاتِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْوَاجِبَاتِ وَغَيْرَهَا مِمَّا يُطْلَبُ مِنْ الْمُصَلِّي فِعْلُهُ أَجْزَاءُ الصَّلَاةِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَجْزَاءِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الصِّفَةَ مَا قَامَ بِالْمَوْصُوفِ وَالْأَجْزَاءُ هِيَ الَّتِي قَامَتْ بِهَا صِفَةُ الْفَرْضِيَّةِ وَالْوُجُوبِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَتْ هِيَ الصِّفَةَ بَلْ الْمَوْصُوفُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ هِيَ أَوْصَافُ الْمُصَلِّي وَتُنْسَبُ إلَى الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا أَجْزَاءَ الْهُوِيَّةِ الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي صَارَتْ بِهَا الصَّلَاةُ فِي الْخَارِجِ هِيَ هِيَ، وَعَلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ بَيَانِيَّةٌ، أَوْ الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ الْجُزْءُ مَجَازًا لِقِيَامِهِ بِالْكُلِّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ إنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى الْكُلِّ لِأَنَّ كُلَّ صِفَةٍ مِمَّا يَأْتِي جَزْءُ الصَّلَاةِ إلَخْ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْبَابِ بَيَانُ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>