«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (حَدِيثٌ شَرِيفٌ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْحُدُودِ
(الْحَدُّ) لُغَةً الْمَنْعُ. وَشَرْعًا (عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَجَبَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) زَجْرًا، فَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ
ــ
[رد المحتار]
[كِتَابُ الْحُدُودِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْحُدُودِ
لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْأَيْمَانِ وَكَفَّارَتِهَا الدَّائِرَةِ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعُقُوبَةِ ذَكَرَ بَعْدَهَا الْعُقُوبَاتِ الْمَحْضَةَ، وَلَوْلَا لُزُومُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ لَكَانَ ذِكْرُهَا بَعْدَ الصَّوْمِ أَوْلَى لِاشْتِمَالِهِ عَلَى بَيَانِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا جِهَةُ الْعُقُوبَةِ نَهْرٌ وَفَتْحٌ.
وَهِيَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: حَدُّ الزِّنَا، وَحَدُّ شُرْبِ الْخَمْرِ خَاصَّةً، وَحَدُّ السُّكْرِ مِنْ غَيْرِهَا وَالْكَمِّيَّةُ مُتَّحِدَةٌ فِيهِمَا، وَحَدُّ الْقَذْفِ، وَحَدُّ السَّرِقَةِ، وَحَدُّ قَطْعِ الطَّرِيقِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ الْحَدُّ لُغَةً) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: هُوَ لُغَةً، فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْحَدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ الْمَنْعُ) وَمِنْهُ سُمِّيَ الْبَوَّابُ وَالسَّجَّانُ حَدَّادًا لِمَنْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الدُّخُولِ وَالثَّانِي مِنْ الْخُرُوجِ، وَسُمِّيَ الْمُعَرِّفُ لِلْمَاهِيَّةِ حَدًّا لِمَنْعِهِ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.
وَحُدُودُ الدَّارِ نِهَايَاتُهَا لِمَنْعِهَا عَنْ دُخُولِ مِلْكِ الْغَيْرِ فِيهَا وَخُرُوجِ بَعْضِهَا إلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ عُقُوبَةٌ) أَيْ جَزَاءٌ بِالضَّرْبِ أَوْ الْقَطْعِ أَوْ الرَّجْمِ أَوْ الْقَتْلِ، سُمِّيَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتْلُو الذَّنْبَ، مِنْ تَعَقُّبِهِ: إذَا تَبِعَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ مُقَدَّرَةٌ) أَيْ مُبَيَّنَةٌ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ قُهُسْتَانِيٌّ أَوْ الْمُرَادُ لَهَا قَدْرٌ خَاصٌّ، وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ.
مُقَدَّرَةٌ بِالْمَوْتِ فِي الرَّجْمِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْأَسْوَاطِ الْآتِيَةِ اهـ أَيْ وَبِالْقَطْعِ الْآتِي (قَوْلُهُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ إلَى كَافَّةِ النَّاسِ مِنْ صِيَانَةِ الْأَنْسَابِ وَالْأَمْوَالِ وَالْعُقُولِ وَالْأَعْرَاضِ (قَوْلُهُ زَجْرًا) بَيَانٌ لِحُكْمِهَا الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ الِانْزِجَارُ عَمَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْعِبَادُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ، وَهُوَ وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا حُدُودًا.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: إنَّهَا مَوَانِعُ قَبْلَ الْفِعْلِ، زَوَاجِرُ بَعْدَهُ: أَيْ الْعِلْمُ بِشَرْعِيَّتِهَا يَمْنَعُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْفِعْلِ، وَإِيقَاعُهَا بَعْدَهُ يَمْنَعُ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِيهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَجِبُ إلَخْ قَالَ فِي الْفَتْحِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute