بَابُ الْإِيلَاءِ
مُنَاسَبَتُهُ الْبَيْنُونَةُ مَآلًا (هُوَ) لُغَةً الْيَمِينُ. وَشَرْعًا (الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا) مُدَّتَهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا (وَالْمُولِي هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُ امْرَأَتِهِ إلَّا بِشَيْءٍ) مُشِقٍّ (يَلْزَمُهُ)
ــ
[رد المحتار]
[بَابُ الْإِيلَاءِ]
(قَوْلُهُ: مُنَاسَبَتُهُ الْبَيْنُونَةُ مَآلًا) أَيْ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ عَقِبَ بَابِ الرَّجْعَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْإِيلَاءَ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ فِي ثَانِي الْحَالِ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ. اهـ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ لِلْبَائِنِ الْمَذْكُورِ آخِرَ بَابِ الرَّجْعَةِ فِي قَوْلِهِ وَيَنْكِحُ مُبَانَتَهُ إلَخْ لَكِنَّ فِيهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إبْدَاءُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ كُلِّ بَابٍ وَمَا قَبْلَهُ، وَالْبَائِنُ ذُكِرَ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ اسْتِطْرَادًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْيَمِينُ) وَجَمْعُهُ أَلَايَا وَفِعْلُهُ آلَى يُولِي كَتَصْرِيفِ أَعْطَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الْحَلِفُ إلَخْ) يَشْمَلُ التَّعْلِيقَ بِمَا يَشُقُّ فَإِنَّهُ يُسَمَّى يَمِينًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الشَّرْعِ هُوَ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قِرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقِرْبَانِ. قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ يَتَحَقَّقُ فِي نَحْوِ إنْ وَطِئْتُكِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَشُقُّ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ إشْقَاقُهُ بِعَارِضٍ ذَمِيمٍ مِنْ النَّفْسِ مِنْ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ اهـ وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَمَا أَجَابَ بِهِ فِي الْبَحْرِ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ وَشَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ حَالًا أَوْ مَآلًا، كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ تَنْجِيزِ الْإِيلَاءِ كَمَا يَأْتِي، فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ ابْنِ كَمَالٍ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقَالَ فِي التَّعْرِيفِ حَاصِلًا فِي النِّكَاحِ، أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فِي النَّهْرِ شَرْطٌ، وَشَأْنُ الشُّرُوطِ خُرُوجُهَا مِنْ التَّعْرِيفِ اهـ وَدَخَلَ فِي الزَّوْجَةِ - حَالًا - مُعْتَدَّةُ الرَّجْعِيِّ، وَمَا لَوْ آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ثُمَّ أَبَانَهَا بِطَلْقَةٍ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْقُهُسْتَانِيُّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ لَمْ يَقَعْ. اهـ.
قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ شِرَاءَهَا فَسْخٌ لِلْعَقْدِ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَقْتَهُ، أَوْ بِأَنَّ الشَّرْطَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ أَثَرِهَا كَالْعِدَّةِ وَلَا عِدَّةَ هُنَا، كَمَا لَوْ مَضَتْ عِدَّةُ الْحُرَّةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَدَخَلَ أَيْضًا الصَّغِيرَةُ وَلَوْلَا تُوطَأُ، وَقَيَّدَ بِالْقُرْبَانِ أَيْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ كَوَاللَّهِ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَكِ، أَوْ لَا أَقْرَبُ فِرَاشَكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْوِ الْوَطْءَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُدَّتَهُ) أَيْ الْآتِيَ بَيَانُهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذِمِّيًّا) تَعْمِيمٌ لِفَاعِلِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ قُرْبَانُهَا ذَكَرَهُ هُنَا، وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ إشَارَةً إلَى دُخُولِهِ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِصِحَّةِ حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا يَأْتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَالْمُولِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ فَاعِلٌ مِنْ آلَى (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَيْءٍ مُشِقٍّ يَلْزَمُهُ) الشَّرْطُ كَوْنُهُ مُشِقًّا فِي نَفْسِهِ كَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، فَخَرَجَ غَيْرُهُ كَالْغَزْوِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ عَرَضَ إشْقَاقُهُ لِجُبْنٍ، أَوْ كَسَلٍ كَمَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ، وَمِنْ الْمُشِقِّ الْكَفَّارَةُ. وَأَوْرَدَ فِي الْبَحْرِ إيلَاءَ الذِّمِّيِّ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةٌ كَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ بِلَا لُزُومِ كَفَّارَةٍ.
وَمَا إذَا قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ قِرْبَانُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ بِلَا شَيْءٍ يَلْزَمُهُ. وَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَا فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ مَا خَلَا عَنْ حِنْثٍ لَزِمَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي الدَّعَاوَى بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَكِنْ مَنَعَ مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ مَانِعٌ وَهُوَ كَوْنُهَا عِبَادَةً وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute