للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَهَا قَتْلُهُ) بِدَوَاءٍ خَوْفَ الْقِصَاصِ، وَلَا تَقْتُلُ نَفْسَهَا. وَقَالَ الْأُوزَجَنْدِيُّ: تَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي، فَإِنْ حَلَفَ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. وَالْبَائِنُ كَالثَّلَاثِ، وَفِيهَا شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ لِلتَّحْلِيلِ لَوْ غَائِبًا انْتَهَى. قُلْت: يَعْنِي دِيَانَةً. وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْجَوَازِ قُنْيَةٌ، وَفِيهَا: لَوْ لَمْ يَقْدِرْ هُوَ أَنْ يَتَخَلَّصَ عَنْهَا وَلَوْ غَابَ سَحَرَتْهُ وَرَدَّتْهُ إلَيْهَا لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهَا، وَيَبْعُدُ عَنْهَا جُهْدَهُ (وَقِيلَ: لَا) تَقْتُلُهُ، قَائِلُهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ (وَبِهِ يُفْتَى) كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَشَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَيْ، وَالْإِثْمُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

(قَالَ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ طَلَاقِهِ ثَلَاثًا (كَانَ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَصَدَّقَتْهُ) الْمَرْأَةُ (فِي ذَلِكَ لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ) كَمَا لَوْ لَمْ تُصَدِّقْهُ هِيَ، وَقِيلَ يُصَدَّقَانِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ طَلَّقْتُهَا قَبْلَهُمَا وَاحِدَةً أُخِذَ بِالثَّلَاثِ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: لَهَا قَتْلُهُ بِدَوَاءٍ) قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَا لَهَا، أَوْ تَهْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ قَتَلَتْهُ مَتَى عَلِمَتْ أَنَّهُ يَقْرَبُهَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تَقْتُلَهُ بِالدَّوَاءِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَ نَفْسَهَا، وَإِنْ قَتَلَتْهُ بِالْآلَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ. اهـ. بَحْرٌ (قَوْلُهُ: فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ) أَيْ وَحْدَهُ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الِافْتِدَاءِ، أَوْ الْهَرَبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَتْهُ إلَخْ) أَفَادَ إبَاحَةَ الْأَمْرَيْنِ ط (قَوْلُهُ: لَوْ غَائِبًا) تَمَامُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ أَنْكَرَ اُحْتِيجَ بِالْفُرْقَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إلَّا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْجَوَازِ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَقَالَ يَعْنِي الْبَدِيعَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى جَوَابِ شَمْسٍ الْأُوزْجَنْدِيِّ وَنَجْمِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ وَالسَّيِّدِ أَبِي شُجَاعٍ وَأَبِي حَامِدٍ وَالسَّرَخْسِيِّ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى جَوَابِ الْبَاقِينَ لَا يَحِلُّ، وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ: إذَا أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالدِّيَانَةِ اهـ كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.

قُلْت: هَذَا تَأْيِيدٌ لِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ: فَإِنَّهُ إذَا حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ فَيَحِلُّ لَهَا التَّحْلِيلُ هُنَا بِالْأَوْلَى إذَا سَمِعَتْ الطَّلَاقَ، أَوْ شَهِدَ بِهِ عَدْلَانِ عِنْدَهَا، بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّ لَهَا التَّزَوُّجَ إذَا أَتَاهَا كِتَابٌ مِنْهُ بِطَلَاقِهَا وَلَوْ عَلَى يَدِ غَيْرِ ثِقَةٍ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّهُ حَقٌّ؛ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ جَوَازُهُ فِي الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِهَا الْقَاضِي يَتْرُكُهَا، فَتَصْحِيحُ عَدَمِ الْجَوَازِ هُنَا مُشْكِلٌ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَتَأَمَّلْ، نَعَمْ لَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ مُقِيمٌ مَعَهَا يُعَاشِرُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ لَيْسَ لَهَا التَّزَوُّجُ لِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهَا) يَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ، بَلْ الْقَوْلُ بِقَتْلِهَا هُنَا أَقْرَبُ مِنْ الْقَوْلِ بِقَتْلِهَا لَهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّهَا سَاحِرَةٌ وَالسَّاحِرُ يُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا تَقْتُلُهُ إلَخْ) نَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِقَتْلِهِ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ وَالْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّمَرْقَنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَقَلَ أَيْضًا أَنَّ الشَّيْخَ الْإِمَامَ نَجْمَ الدِّينِ كَانَ يَحْكِي قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ وَيَقُولُ إنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ وَلَهُ مَشَايِخُ أَكَابِرُ، وَلَا يَقُولُ مَا يَقُولُ إلَّا عَنْ صِحَّةٍ فَالِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِهِ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ قَوْلٌ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِتَصِيرَ أَجْنَبِيَّةً لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. أَقُولُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعْرُوفًا لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ الْعِدَّةِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَيْضًا: طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَيَقُولُ: كُنْتُ طَلَّقْتُهَا وَاحِدَةً وَمَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَوْ مُضِيُّهَا مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ لَمْ تَقَعْ الثَّلَاثُ وَإِلَّا تَقَعُ، وَلَوْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ إنْكَارِهِ، فَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ طَلْقَةً لَمْ يُقْبَلْ اهـ (قَوْلُهُ: أُخِذَ بِالثَّلَاثِ) لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الطَّلَاقِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَاحْتِيَاطًا ط وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>