بِالْقِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) ذُو الْيَدِ (بِهَا) لِرَجُلٍ (لَا) يَتْبَعُهَا فَيَأْخُذُهَا وَحْدَهَا وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَوْ ادَّعَاهُ يَتْبَعُهَا وَكَذَا سَائِرُ الزَّوَائِدِ نَعَمْ لَا ضَمَانَ بِهَلَاكِهَا كَزَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ وَلَمْ يُذْكَرْ النُّكُولُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ قُهُسْتَانِيٌّ مَعْزِيًّا لِلْعِمَادِيَّةِ (وَمَنَعَ التَّنَاقُضُ) أَيْ التَّدَافُعُ فِي الْكَلَامِ (دَعْوَى الْمِلْكِ) لِعَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَيْضًا، وَنَظِيرُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ لَوْ وَجَدَ عَيْبًا وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِعَيْبٍ حَدَثَ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنَقْصِ الْعَيْبِ وَبَائِعُهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
مَطْلَبٌ: لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعُقْرِ وَلَا بِأَجْرِ الدَّارِ الَّتِي ظَهَرَتْ وَقْفًا
[تَنْبِيهٌ] : إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالْعُقْرِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا لِنَفْسِهِ، وَجَزَاءٌ عَلَى فِعْلِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالزِّرَاعَةِ، وَضَمِنَ نُقْصَانَهَا لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى: فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَظَهَرَتْ وَقْفًا وَضَمَّنَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أُجْرَتَهَا فَأَجَبْت: بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْبَائِعِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ مِصْرَ الْقَاهِرَةِ فِي زَمَانِنَا مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِمْ: الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَبِمَا لَيْسَ جَزَاءً لِفِعْلِهِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مَضْمُونًا بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَالْمُرَادُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) صَوَابُهُ كَمَا يَأْتِي.
[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ فَإِنَّهَا كَاسْمِهَا مُبَيِّنَةٍ فَيَظْهَرُ بِهَا مِلْكُهُ مِنْ الْأَصْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا، فَيَكُونُ لَهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ، وَقَدْ حَصَلَتْ بِإِثْبَاتِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ (قَوْلُهُ يَتْبَعُهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ زَيْلَعِيٌّ عَنْ النِّهَايَةِ، وَمُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ كَالْوَلَدِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا ضَمَانَ بِهَلَاكِهَا) أَيْ هَلَاكِ الزَّوَائِدِ وَمِنْهُ مَوْتُ الْوَلَدِ وَاحْتُرِزَ عَنْ اسْتِهْلَاكِهَا فَتُضْمَنُ بِهِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَ التَّنَاقُضُ دَعْوَى الْمِلْكِ) هَذَا إذَا كَانَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ قَدْ أَثْبَتَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ حَقًّا، وَإِلَّا لَمْ يَمْنَعْ كَقَوْلِهِ: لَا حَقَّ لِي عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ تَصِحُّ دَعْوَاهُ كَمَا فِي الْمُؤَيِّدِيَّةِ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ اهـ وَكَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي. وَاكْتَفَى بَعْضُهُمْ فِي تَحَقُّقِهِ كَوْنَ الثَّانِي: عِنْدَ الْقَاضِي وَاخْتَارَ فِي النَّهْرِ الْأَوَّلَ، لِأَنَّ مِنْ شَرَائِطِ الدَّعْوَى كَوْنُهَا لَدَيْهِ وَاخْتَارَ فِي الْبَحْرِ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ الثَّانِي قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِهِ التَّنَاقُضُ اهـ وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا، لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْقَاضِي، لِيَتَرَتَّبَ عَلَى مَا عِنْدَهُ حُصُولُ التَّنَاقُضِ وَالثَّابِتُ بِالْبَيَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ، فَكَأَنَّهُمَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، فَاَلَّذِي شُرِطَ كَوْنُهُمَا فِي مَجْلِسِهِ يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ فِي السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ اهـ.
قُلْت: وَيَشْهَدُ لَهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّنَاقُضَ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ وَبِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ أَيْضًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute