للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَبِالْعَكْسِ وَجَبَ الْوَسَطُ) كَمَا مَرَّ.

(صَالَحَتْ زَوْجَهَا عَنْ نَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ) قَالَتْ لَا تَكْفِينِي زِيدَتْ، وَلَوْ (قَالَ الزَّوْجُ لَا أُطِيقُ ذَلِكَ فَهُوَ لَازِمٌ) فَلَا الْتِفَاتَ لِمَقَالَتِهِ بِكُلِّ حَالٍ (إلَّا إذَا تَغَيَّرَ سِعْرُ الطَّعَامِ وَعَلِمَ) الْقَاضِي (أَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ) الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (يَكْفِيهَا) فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ كِفَايَتَهَا، نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَرَّفَ الْقَاضِي عَنْ حَالِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ فَيُوجِبُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ صَالَحَهَا عَنْ نَفَقَةٍ كُلُّ شَهْرٍ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَالزَّوْجُ مُحْتَاجٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نَفَقَةُ مِثْلِهَا.

ــ

[رد المحتار]

الْيَسَارِ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَضَى بِنَفَقَةِ الْيَسَارِ لِكَوْنِهِمَا مُوسِرَيْنِ ثُمَّ أَعْسَرَ الزَّوْجُ عَلَى مَا قَالَ أَوْ ثُمَّ أَعْسَرَ أَحَدُهُمَا عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى؛ وَلَوْ قَالَ قَضَى بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ أَيْسَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ بِالْعَكْسِ وَجَبَ الْوَسَطُ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ. اهـ. ح (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) فِي قَوْلِهِ بِقَدْرِ حَالِهِمَا ح.

[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

ِ (قَوْلُهُ صَالَحَتْ زَوْجَهَا إلَخْ) قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى النَّفَقَةِ تَارَةً يَكُونُ تَقْدِيرًا لِلنَّفَقَةِ كَالصُّلْحِ عَلَى نَحْوِ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا أَوْ بَعْدَهُ، فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَالنُّقْصَانُ عَنْهُ: أَيْ بِالْغَلَاءِ أَوْ الرُّخْصِ، وَتَارَةً يَكُونُ مُعَاوَضَةً كَالصُّلْحِ عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ إنْ كَانَ بَعْدَ تَقْدِيرِهَا بِمَا ذُكِرَ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا النُّقْصَانُ، وَلَوْ قَبْلَ التَّقْدِيرِ فَهُوَ تَقْدِيرٌ فَكَلَامُهُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَاوَضَةً، وَلِذَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَلَى دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ زِيدَتْ) أَيْ يَسْمَعُ الْقَاضِي دَعْوَاهَا وَيَزِيدُ لَهَا إذَا كَانَتْ لَا تَكْفِيهَا؛ لِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ: صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى نَفَقَةٍ لَا تَكْفِيهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ وَتُطَالِبَ بِالْكِفَايَةِ.

اهـ (قَوْلُهُ فَلَا الْتِفَاتَ لِمَقَالَتِهِ) فَإِنَّهُ الْتَزَمَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ مَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَعَرَّفَ الْقَاضِي عَنْ حَالِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ فَإِذَا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ نَقَصَ عَنْهُ وَأَوْجَبَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ ذَخِيرَةٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِتَنَاقُضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي حَالُهُ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا تَنَاقُضَ مِنْهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مُلْتَزِمَةٍ؛ لِأَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ عَنْ الصُّلْحِ كَمَا مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ، فَحَيْثُ لَمْ تَكُنْ مُتَنَاقِضَةً تُسْمَعُ دَعْوَاهَا عَلَى الزَّوْجِ بِعَدَمِ الْكِفَايَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَلْزَمَهُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَّفَهُ أَوْ طَلَبَ مِنْهَا بَيِّنَةً وَلَا يَفْعَلُ كَذَلِكَ فِي دَعْوَى الزَّوْجِ لِعَدَمِ سَمَاعِهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي بَيَانِهِ فَافْهَمْ. هَذَا، وَأَمَّا مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ فَرَضَ لَهَا مَالًا يَكْفِيهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فَعَلَيْهِ التَّدَارُكُ بِالْقَضَاءِ بِمَا يَكْفِيهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَضَ عَلَى الزَّوْجِ زِيَادَةً عَلَى الْكِفَايَةِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْهَا. اهـ فَلَا يَرِدُ عَلَى مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ عَلَى الزَّوْجِ فَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ التَّنَاقُضُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الصُّلْحِ بِرِضَاهُ، وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ) تَابَعَ فِيهِ الْمُصَنِّفَ فِي شَرْحِهِ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ وَجْهِهِ، فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ سِعْرُ الطَّعَامِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ فَلَا يَكُونُ بِهِ مُتَنَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَقْتَ الصُّلْحِ بَلْ عَرَضَ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ بِالْأَوْلَى وَكَالصُّلْحِ الْقَضَاءُ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةَ: إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِلْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ فَغَلَا الطَّعَامُ أَوْ رَخُصَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُغَيِّرُ ذَلِكَ الْحُكْمَ. اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَرَّفَ إلَخْ) أَيْ يَطْلُبَ الْمَعْرِفَةَ، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا الْتِفَاتَ لِمَقَالَتِهِ كَمَا عَلِمْته فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نَفَقَةُ مِثْلِهَا) لِظُهُورِ أَنَّ الْمِائَةَ لِكُلِّ شَهْرٍ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فِي زَمَانِهِمْ لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حُقُوقِهَا فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ، إنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>