للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ يُسْتَغْنَى عَمَّا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو

(وَرُكْنُهَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ) بِالْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ الثَّانِيَ رُكْنًا

(وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ) نَفْسًا أَوْ مَالًا (مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ) مِنْ الْكَفِيلِ فَلَمْ تَصِحَّ بِحَدٍّ وَقَوَدٍ (وَفِي الدَّيْنِ كَوْنُهُ صَحِيحًا قَائِمًا) لَا سَاقِطًا بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا، وَلَا ضَعِيفًا كَبَدَلِ كِتَابَةٍ وَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا، فَمَا لَيْسَ دَيْنًا بِالْأَوْلَى نَهْرٌ

ــ

[رد المحتار]

لِوَجْهِ اقْتِصَارِهِ عَلَى تَعْرِيفِ كَفَالَةِ الدَّيْنِ فَقَطْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْرِيفَ يُذْكَرُ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّفْهِيمِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَبْوَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا يُوقِعُ فِي الِاشْتِبَاهِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ تَعْرِيفَ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ كَمَا قُلْنَا آنِفًا.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ تَعْمِيمِ الْمُطَالَبَةِ. (قَوْلُهُ: يُسْتَغْنَى عَمَّا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو) أَيْ صَاحِبُ الدُّرَرِ: قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِهِ اسْتَغْنَى عَمَّا فِي نِكَاحِ الدُّرَرِ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي مُطَالَبَةِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ أَوْ التَّسْلِيمِ مُدَّعِيًا أَنَّ قَوْلَهُمْ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لَا صِحَّةَ لَهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَصَحَّ؛ لِأَنَّهُمْ قَسَمُوهَا إلَى كَفَالَةٍ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

ثُمَّ إنَّ تَقْسِيمَهُمْ يُشْعِرُ بِانْحِصَارِهَا مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ قِسْمٍ ثَالِثٍ وَهُوَ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ اهـ، وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت مَا هُوَ الْوَاقِعُ اهـ، أَيْ مِنْ أَنَّ مَا عَرَّفَ بِهِ هُوَ مُرَادُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَشْمَلُ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ، فَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَرَادُوهُ غَيْرَ التَّصْرِيحِ بِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَرُكْنُهَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ) فَلَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ مَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فِي الْمَجْلِسِ رَمْلِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجْعَلْ الثَّانِيَ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ، وَقَوْلُهُ الثَّانِيَ: أَيْ الْقَبُولُ وَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ يَجْعَلُ، وَقَوْلُهُ: رُكْنًا مَفْعُولُهُ الْآخَرُ أَيْ فَجَعَلَهَا تَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ.

وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِ، فَقِيلَ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الطَّالِبِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهَا لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ، وَقِيلَ تَنْفُذُ وَلِلطَّالِبِ الرَّدُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ أَيْ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْهِ نَهْرٌ.

وَفِي الدُّرَرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ: وَبِقَوْلِ الثَّانِي يُفْتَى.

وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَغَيْرِهِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ.

[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

(قَوْلُهُ: نَفْسًا أَوْ مَالًا) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِيَأْتِيَ لَهُ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ فَلَمْ تَصِحَّ بِحَدٍّ وَقَوَدٍ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا بِنَفْسٍ وَلَا مَالٍ إنْ أُرِيدَ الضَّمَانُ بِهِمَا.

أَمَّا إذَا أُرِيدَ الضَّمَانُ بِنَفْسِ مَنْ هُمَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ جَائِزَةً كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ النَّفْسِ مَقْدُورَةَ التَّسْلِيمِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ كَفَالَةَ الْمَيِّتِ بِالنَّفْسِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتْ كَفَالَةُ النَّفْسِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ غَائِبًا لَا يُدْرَى مَكَانُهُ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِالنَّفْسِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمَكْفُولِ بِهِ: فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا أَوْ نَفْسًا أَوْ فِعْلًا، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا.

الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفِيلِ، فَلَا تَجُوزُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.

الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَازِمًا وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ، فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الدَّيْنِ كَوْنُهُ صَحِيحًا) هُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ هُنَاكَ اسْتِثْنَاءَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالنَّفَقَةِ وَبَدَلِ السِّعَايَةِ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا مَعَ بَيَانِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا سَاقِطًا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَائِمًا فَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَعِيفًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ صَحِيحًا. (قَوْلُهُ: كَبَدَلِ كِتَابَةٍ) لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ زَوْجَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْكَفَالَةُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهَا أَوْ الرِّضَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِهِمَا، وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ دَيْنٌ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ، فَمَا لَيْسَ دَيْنًا أَوْلَى اهـ.

وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَفَاءِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَلَا ضَعِيفًا كَبَدَلِ كِتَابَةٍ فَمَا لَيْسَ دَيْنًا كَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا بِالْأَوْلَى

وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تَصِرْ دَيْنًا لَا تَكُونُ مِنْ أَمْثِلَةِ الدَّيْنِ السَّاقِطِ فَافْهَمْ. ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>