فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ (كُرِهَ بَيْعُ الْعَذِرَةِ) رَجِيعِ الْآدَمِيِّ (خَالِصَةً لَا) يُكْرَهُ بَلْ يَصِحُّ بَيْعُ (السِّرْقِينِ) أَيْ الزِّبْلِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَصَحَّ) بَيْعُهَا (مَخْلُوطَةً بِتُرَابٍ أَوْ رَمَادٍ غَلَبَ عَلَيْهَا) فِي الصَّحِيحِ (كَمَا صَحَّ الِانْتِفَاعُ بِمَخْلُوطِهَا) أَيْ الْعَذِرَةِ بَلْ بِهَا خَالِصَةً عَلَى مَا صَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْهِدَايَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَفِي الْمُلْتَقَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ كَالْبَيْعِ أَيْ فِي الْحُكْمِ فَافْهَمْ.
(وَجَازَ أَخْذُ دَيْنٍ عَلَى كَافِرٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) لِصِحَّةِ بَيْعِهِ (بِخِلَافِ) دَيْنٍ عَلَى (الْمُسْلِمِ) لِبُطْلَانِهِ إلَّا إذَا وَكَّلَ ذِمِّيًّا بِبَيْعِهِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ ثَمَنَ خَمْرٍ بَاعَهُ مُسْلِمٌ لَا يَحِلُّ لِوَرَثَتِهِ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَفِي الْأَشْبَاهِ الْحُرْمَةُ تَنْتَقِلُ
ــ
[رد المحتار]
[فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ]
ِ (قَوْلُهُ كُرِهَ بَيْعُ الْعَذِرَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الذَّالِ قُهُسْتَانِيٌّ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَقْتَضِي الْبُطْلَانَ لَكِنْ يَأْخُذُ مِنْ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ وَصَحَّ مَخْلُوطُهُ أَنَّ بَيْعَ الْخَالِصَةِ بَاطِلٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَفِي الْهِدَايَةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْبُرْجَنْدِيُّ عَنْ الْخِزَانَةِ، وَقَالَ وَكَذَا بَيْعُ كُلِّ مَا انْفَصَلَ عَنْ الْآدَمِيِّ كَشَعْرٍ وَظُفْرٍ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ، وَلِذَا وَجَبَ دَفْنُهُ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَصِحُّ بَيْعُ السِّرْقِينِ) بِالْكَسْرِ مُعَرَّبُ سِرْكِينٍ بِالْفَتْحِ وَيُقَالُ سِرْجِينٌ بِالْجِيمِ (قَوْلُهُ أَيْ الزِّبْلِ) وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ هُوَ رَجِيعُ مَا سِوَى الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ غَلَبَ عَلَيْهَا) كَذَا قَيَّدَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُحِيطِ وَالْكَافِي وَالظَّهِيرِيَّةِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمُحِيطِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، أَوْ عَلَى الرُّخْصَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ، لَكِنْ فِي زِيَادَاتِ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ لِلْفَقِيهِ ضَرُورِيٌّ قُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُهَا مَخْلُوطَةً، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْإِصْلَاحِ، وَصَحَّ فِي الصَّحِيحِ مَخْلُوطَةٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُلْتَقَى إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَشَارَ بِنَقْلِهِ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الِانْتِفَاعِ بِالْخَالِصَةِ تَصْحِيحٌ لِجَوَازِ بَيْعِهَا أَيْضًا وَقَوْلُهُ فَافْهَمْ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) بِأَنْ بَاعَ الْكَافِرُ خَمْرًا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَقَضَى بِهِ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ الْكَافِرِ الْخَمْرَ، لِأَنَّهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِ فَمَلَكَ الثَّمَنَ فَيَحِلُّ الْأَخْذُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا فِي حَقِّهِ فَبَقِيَ الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بَاعَهُ مُسْلِمٌ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ بَاعَهُ هُوَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُسْلِمَ الْمَيِّتَ أَوْ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ بِالْوَكَالَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ لِأَنَّهُ كَالْمَغْصُوبِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: كَسْبُ الْمُغَنِّيَةِ كَالْمَغْصُوبِ لَمْ يَحِلَّ أَخْذُهُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ وَكَسْبُهُ مِنْ بَيْعِ الْبَاذَقِ أَوْ الظُّلْمِ أَوْ أَخْذِ الرِّشْوَةِ يَتَوَرَّعُ الْوَرَثَةُ، وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا وَهُوَ أَوْلَى بِهِمْ وَيَرُدُّونَهَا عَلَى أَرْبَابِهَا إنْ عَرَفُوهُمْ، وَإِلَّا تَصَدَّقُوا بِهَا لِأَنَّ سَبِيلَ الْكَسْبِ الْخَبِيثِ التَّصَدُّقُ إذَا تَعَذَّرَ الرَّدُّ عَلَى صَاحِبِهِ اهـ لَكِنْ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِي كَسْبِ النَّائِحَةِ، وَصَاحِبُ طَبْلٍ أَوْ مِزْمَارٍ، لَوْ أَخَذَ بِلَا شَرْطٍ، وَدَفَعَهُ الْمَالِكُ بِرِضَاهُ فَهُوَ حَلَالٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَاهِبِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَا جَمَعَ السَّائِلُ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ خَبِيثٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعْرَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمِنَنِ: وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْحَرَامَ لَا يَتَعَدَّى إلَى ذِمَّتَيْنِ سَأَلْت عَنْهُ الشِّهَابَ ابْنَ الشَّلَبِيِّ فَقَالَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، أَمَّا مَنْ رَأَى الْمَكَّاسَ يَأْخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ الْمَكْسِ، ثُمَّ يُعْطِيهِ آخَرَ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ فَهُوَ حَرَامٌ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute