مَعَ الْعِلْمِ إلَّا لِلْوَارِثِ إلَّا إذَا عَلِمَ رَبُّهُ.
قُلْت: وَمَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى مَاتَ وَكَسْبُهُ حَرَامٌ فَالْمِيرَاثُ حَلَالٌ ثُمَّ رَمَزَ وَقَالَ لَا نَأْخُذُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا عَلَى الْوَرَثَةِ فَتَنَبَّهْ.
(وَ) جَازَ (تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِهِ كَمَا فِي نَقْشِ الْمَسْجِدِ (وَتَعْشِيرُهُ وَنَقْطُهُ) أَيْ إظْهَارُ إعْرَابِهِ وَبِهِ يَحْصُلُ الرِّفْقُ جِدًّا خُصُوصًا لِلْعَجَمِ فَيُسْتَحْسَنُ وَعَلَى هَذَا لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ أَسَامِي السُّوَرِ وَعَدِّ الْآيِ وَعَلَامَاتِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهَا فَهِيَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ دُرَرٌ وَقُنْيَةٌ وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِكَوَاغِدِ أَخْبَارٍ وَنَحْوِهَا فِي مُصْحَفٍ وَتَفْسِيرٍ وَفِقْهٍ وَتُكْرَهُ فِي كُتُبِ نُجُومٍ وَأَدَبٍ وَيُكْرَهُ تَصْغِيرُ مُصْحَفٍ وَكِتَابَتُهُ بِقَلَمٍ دَقِيقٍ يَعْنِي تَنْزِيهًا وَلَا يَجُوزُ لَفُّ شَيْءٍ فِي كَاغِدِ فِقْهٍ وَنَحْوِهِ وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ يَجُوزُ.
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الذَّخِيرَةِ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ اكْتَسَبَ مَالَهُ مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَالْغَرَامَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ هَلْ يَحِلُّ لِمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ؟ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ فِي دِينِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ وَيَسَعُهُ حُكْمًا إنْ لَمْ يَكُنْ غَصْبًا أَوْ رِشْوَةً اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ: امْرَأَةٌ زَوْجُهَا فِي أَرْضِ الْجَوْرِ إذَا أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَيْنُهُ غَصْبًا أَوْ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً مِنْ مَالٍ أَصْلُهُ لَيْسَ بِطَيِّبٍ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَالْإِثْمُ عَلَى الزَّوْجِ اهـ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ مَعَ الْعِلْمِ) أَمَّا بِدُونِهِ فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ ثَوْبًا، وَهُوَ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَوَطِئَ أَوْ لَبِسَ، ثُمَّ عَلِمَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْجِمَاعَ وَاللُّبْسَ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ وَضَعَ عَنْهُ الْإِثْمَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، الْوَطْءُ حَلَالٌ مَأْجُورٌ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَ وَوَطِئَهَا فَبَانَ أَنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ رَبُّهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَرَامٌ مُطْلَقًا عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمُوا أَرْبَابَهُ أَوْ لَا فَإِنْ عَلِمُوا أَرْبَابَهُ رَدُّوهُ عَلَيْهِمْ، وَإِلَّا تَصَدَّقُوا بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.
أَقُولُ: وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ لِأَنَّ الطَّعَامَ أَوْ الْكِسْوَةَ لَيْسَ عَيْنَ الْمَالِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا يَحِلُّ أَكْلُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ بِخِلَافِ مَا تَرَكَهُ مِيرَاثًا فَإِنَّهُ عَيْنُ الْمَالِ الْحَرَامِ وَإِنْ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ وَالْخَلْطِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَدَاءُ ضَمَانِهِ، وَكَذَا لِوَارِثِهِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ حُرْمَتَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي الدِّيَانَةِ لَا الْحُكْمِ فَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّ الْقَاصِرِ التَّصَدُّقُ بِهِ وَيُضَمِّنَهُ الْقَاصِرُ إذَا بَلَغَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَشَارَ بِهِ إلَى ضَعْفِ مَا فِي الْأَشْبَاهِ ط.
(قَوْلُهُ وَجَازَ تَحْلِيَةٌ الْمُصْحَفِ) أَيْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي نَقْشِ الْمَسْجِدِ) أَيْ مَا خَلَا مِحْرَابَهُ أَيْ بِالْجِصِّ وَمَاءِ الذَّهَبِ لَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَضَمِنَ مُتَوَلِّيهِ لَوْ فَعَلَ إلَّا إذَا فَعَلَ الْوَاقِفُ مِثْلَهُ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ نَقْشَ حَائِطِ الْقِبْلَةِ، وَيَجُوزُ حَفْرُ بِئْرٍ فِي مَسْجِدٍ لَوْلَا ضَرَرٍ فِيهِ أَصْلًا وَفِيهِ نَفْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَا يَضْمَنُ فِيهِ الْحَافِرُ لِمَا حَفَرَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا أَفَادَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَتَعْشِيرُهُ) هُوَ جَعْلُ الْعَوَاشِرَ فِي الْمُصْحَفِ وَهُوَ كِتَابَةُ الْعَلَامَةِ عِنْدَ مُنْتَهَى عَشْرِ آيَاتٍ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ إظْهَارُ إعْرَابِهِ) تَفْسِيرٌ لِلنَّقْطِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: نَقَطَ الْحَرْفَ أَعْجَمَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِعْجَامَ لَا يَظْهَرُ بِهِ الْإِعْرَابُ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالشَّكْلِ فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا مَا يَعُمُّهُ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَبِهِ يَحْصُلُ الرِّفْقُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ جَوِّدُوا الْقُرْآنَ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا بَسَطَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ حُصُولِ الرِّفْقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) كَالسَّجْدَةِ وَرُمُوزِ التَّجْوِيدِ (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِكَوَاغِدِ أَخْبَارٍ) أَيْ بِجَعْلِهَا غِلَافًا لِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخْبَارِ التَّوَارِيخُ دُونَ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَصْغِيرُ مُصْحَفٍ) أَيْ تَصْغِيرُ حَجْمِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَهُ بِأَحْسَنِ خَطٍّ وَأَبْيَنِهِ عَلَى أَحْسَنِ وَرَقٍ وَأَبْيَضِهِ بِأَفْخَمِ قَلَمٍ وَأَبْرَقِ مِدَادٍ وَيُفَرِّجُ السُّطُورِ وَيُفَخِّمُ الْحُرُوفَ وَيُضَخِّمُ الْمُصْحَفَ اهـ قُنْيَةٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) الَّذِي فِي الْمِنَحِ وَنَحْوُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute