للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبٌ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ دَارُ الْإِسْلَامِ دَارَ حَرْبٍ وَبِالْعَكْسِ]

بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ (أَرْضَ الْعَرَبِ) وَهِيَ مِنْ حَدِّ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ إلَى أَقْصَى الْيَمَنِ (وَمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ) طَوْعًا (أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِمَ بَيْنَ جَيْشَنَا وَالْبَصْرَةَ) أَيْضًا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ (عُشْرِيَّةٌ) لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْمُسْلِمِ وَكَذَا بُسْتَانُ مُسْلِمٍ أَوْ كَرْمُهُ كَانَ دَارِهِ دُرَرٌ وَمَرَّ فِي بَابِ الْعَاشِرِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَحَرَّرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى

(وَسَوَادُ) قُرَى (الْعِرَاقِ وَحَدُّهُ مِنْ الْعُذَيْبِ) طُولًا بِضَمٍّ فَفَتْحٍ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ أَرْضُ الْعَرَبِ) فِي مُخْتَصَرِ تَقْوِيمِ الْبُلْدَانِ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: تِهَامَةُ وَنَجْدٌ وَحِجَازٌ وَعَرُوضٌ، وَيَمَنُ فَأَمَّا تِهَامَةُ فَهِيَ النَّاحِيَةُ الْجَنُوبِيَّةُ مِنْ الْحِجَازِ، وَأَمَّا نَجْدٌ فَهِيَ النَّاحِيَةُ الَّتِي بَيْنَ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَأَمَّا الْحِجَازُ فَهُوَ حَبْلٌ يُقْبِلُ مِنْ الْيَمَنِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالشَّامِ، وَفِيهِ الْمَدِينَةُ وَعَمَّانُ، وَأَمَّا الْعَرُوضُ فَهُوَ الْيَمَامَةُ إلَى الْبَحْرَيْنِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْحِجَازُ حِجَازًا لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ نَجْدٍ وَالْيَمَامَةِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: الْحِجَازُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى تَبُوكَ، وَمِنْ الْمَدِينَةِ إلَى طَرِيقِ الْكُوفَةِ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُشَارِفَ الْبَصْرَةَ، فَهُوَ نَجْدٌ وَمِنْ الْمَدِينَةِ إلَى طَرِيقِ مَكَّةَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ هَبَطَ الْعَرْجِ حِجَازٌ أَيْضًا وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ إلَى مَكَّةَ وَجُدَّةَ فَهُوَ تِهَامَةٌ وَمَا كَانَ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَبَيْنَ وَجْرَةَ وَغَمْرَةِ الطَّائِفِ فَهُوَ نَجْدٌ وَمَا وَرَاءَ وَجْرَةَ إلَى الْبَحْرِ فَهُوَ تِهَامَةُ وَمَا بَيْنَ تِهَامَةَ وَنَجْدٍ فَهُوَ حِجَازٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ حَدِّ الشَّامِ) نَظَمَ بَعْضُهُمْ حَدَّهَا طُولًا وَعَرْضًا بِقَوْلِهِ:

جَزِيرَةُ هَذِهِ الْأَعْرَابِ حُدَّتْ ... بِحَدٍّ عِلْمُهُ لِلْحَشْرِ بَاقِي

فَأَمَّا الطُّولُ عِنْدَ مُحَقِّقِيهِ ... فَمِنْ عَدَنٍ إلَى رَبْوِ الْعِرَاقِ

وَسَاحِلُ جُدَّةٍ إنْ سِرْت عَرْضًا ... إلَى أَرْضِ الشَّآمِ بِالِاتِّفَاقِ

(قَوْلُهُ وَمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ) أَيْ وَالْأَرْضُ الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا وَذِكْرُ الضَّمِيرِ هُنَا وَفِيمَا سَيَأْتِي مُرَاعَاةٌ لِلَفْظِ مَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ عَنْوَةً) بِالْفَتْحِ قَالَ الْفَارَابِيُّ: وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُطْلَقُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْقَهْرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَقُسِمَ بَيْنَ جَيْشِنَا) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا قُسِمَ بَيْنَ قَوْمٍ كَافِرِينَ غَيْرِ أَهْلِهِ، فَإِنَّهُ خَرَاجِيٌّ كَمَا فِي النُّتَفِ، وَلَوْ قَالَ: بَيْنَنَا لَشَمَلَ مَا إذَا قُسِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ الْغَانِمِينَ، فَإِنَّهُ عَشْرِيٌّ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَا يُوَظَّفُ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَالْبَصْرَةِ أَيْضًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ خَرَاجِيَّةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا بِقُرْبِ أَرْضِ الْخَرَاجِ، لَكِنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - دُرٌّ مُنْتَقًى وَغَيْرُهُ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ مَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ يُعْتَبَرُ قُرْبَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ الْمَاءُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالْبَصْرَةُ أَحْيَاهَا الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهِيَ فِي حَيِّزِ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنْ تَكُونَ خَرَاجِيَّةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَكَذَا هُوَ أَخَفُّ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْخَارِجِ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ أَوْ قُسِمَ بَيْنَ جَيْشِنَا، وَأَمَّا أَرْضُ الْعَرَبِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْخُلَفَاءِ أَخْذُ خَرَاجٍ مِنْ أَرَاضِيهِمْ وَكَمَا لَا رِقَّ عَلَيْهِمْ لَا خَرَاجَ عَلَى أَرَاضِيهِمْ نَهْرٌ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَحَرَّرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى) نَصُّهُ وَفِي دَارٍ جُعِلَتْ بُسْتَانًا خَرَاجٌ إنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ مُطْلَقًا خِلَافًا لَهُمَا أَوْ لِمُسْلِمٍ سَقَاهَا بِمَائِهِ أَيْ الْخَرَاجِ، وَإِنْ سَقَاهَا بِمَاءِ الْعُشْرِ فَعُشْرٌ، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ سَقَاهَا مَرَّةً بِمَاءِ الْعُشْرِ وَمَرَّةً بِمَاءِ الْخَرَاجِ، فَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِالْعُشْرِ وَالذِّمِّيُّ بِالْخَرَاجِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ.

وَاسْتَشْكَلَ الْبَاقَانِيُّ وُجُوبَ الْخَرَاجِ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً فِيمَا إذَا سَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ، بَلْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ بِكُلِّ حَالٍّ وَفِي الْغَايَةِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ فِي وَضِعْ فِي الْخَرَاجِ عَلَيْهِ جَبْرٌ أَمَّا بِاخْتِيَارِهِ فَيَجُوزُ كَمَا هُنَا وَكَمَا لَوْ أَحْيَا مَوَاتًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَسَقَاهَا بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ. اهـ. ح وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَاءِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ.

(قَوْلُهُ وَسَوَادُ قُرَى الْعِرَاقِ) أَيْ عِرَاقِ الْعَرَبِ دُرَرٌ. فِي الْقَامُوسِ: سَوَادُ الْبَلَدِ قُرَاهَا وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِخُضْرَةِ أَشْجَارِهِ وَكَثْرَةِ زُرُوعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>