للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ هِيَ أَنَّ رَجُلًا لَهُ كَرْمٌ وَأَرْضُهُ تَارَةً تَكُونُ مَمْلُوكَةً وَعَلَيْهَا الْخَرَاجُ كَأَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ وَتَارَةً تَكُونُ لِلْوَقْفِ وَتَارَةً تَكُونُ فِي يَدِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً يُؤَدِّي خَرَاجَهَا وَيَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهَا بِغَرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَسْتَأْجِرُ هَذَا الرَّجُلُ جَمَاعَةً يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا لِيَغْرِسَ فِيهِ أَشْجَارَ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ فَسَقَطَ عَلَى أَحَدِهِمْ هَلْ لِوَرَثَتِهِ مُطَالَبَتُهُ بِدِيَتِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْحُكْمُ فِيهَا أَوْ شَبَهِهَا عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكَذَا عَلَى الْأُجَرَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَوْهَرَةِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْفَتَاوَى عَلَى مَا وَقَعَ مُقَيَّدًا لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فُرُوعٌ]

لَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعْلَةَ لِإِخْرَاجِ جَنَاحٍ أَوْ ظُلَّةٍ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا إنْ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ مِنْ عَمَلِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا لِرَبِّ الدَّارِ، وَيَضْمَنُ لَوْ رَشَّ الْمَاءَ بِحَيْثُ يَزْلَقُ وَاسْتَوْعَبَ الطَّرِيقَ وَلَوْ رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا وَتَمَامُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ (مَالَ حَائِطٌ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ ضَمِنَ رَبُّهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (مَا تَلِفَ) بِهِ مِنْ نَفْسِ إنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ

ــ

[رد المحتار]

الْمِلْكُ وَعَدَمُهُ فَهُوَ بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هُوَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ.

(قَوْلُهُ لَهُ كَرْمٌ) الْكَرْمُ الْعِنَبُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَأَرْضُهُ تَارَةً تَكُونُ مَمْلُوكَةً إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّ أَرْضَهُ لَا تَخْلُو عَنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَدَاوَلَتْ عَلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ ط (قَوْلُهُ كَأَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ) الْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ إنْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ مَمْلُوكَةً أَيْ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلتَّنْظِيرِ إنْ أُرِيدَ بِهِ مِلْكُهَا لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ: أَيْ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ نَظِيرُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ أَغْلَبَهَا خَرَاجِيَّةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتَارَةً تَكُونُ فِي يَدِهِ إلَخْ) الَّذِي رَأَيْته فِي الْمِنَحِ وَتَارَةً تَكُونُ لِلْوَقْفِ وَتَكُونُ فِي يَدِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً إلَخْ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا تَكُونُ فِي يَدِهِ كَذَلِكَ هِيَ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا) الْمُنَاسِبُ أُجْرَتَهَا، وَلَوْ قُلْنَا إنَّهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: إنَّ الْمَأْخُوذَ الْآنَ مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ أُجْرَةٌ لَا خَرَاجٌ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ كَأَنَّهُ لِمَوْتِ الْمَالِكِينَ شَيْئًا فَشَيْئًا بِلَا وَارِثٍ فَصَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْأُجَرَاءِ) بِمَدِّ آخِرِهِ جَمْعُ أَجِيرٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْآجِرِ بِمَدِّ أَوَّلِهِ، وَهُوَ الْأَجِيرُ؛ لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَالْأُولَى أَوْلَى (قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَوْهَرَةِ) أَيْ السَّابِقُ وَهُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مُبَاحٌ فَمَا يَحْدُثُ غَيْرُ مَضْمُونٍ.

(قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْفَتَاوَى) أَيْ إطْلَاقُ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الضَّمَانُ عَلَى مَا وَقَعَ مُقَيَّدًا فِي عِبَارَةِ الْجَوْهَرَةِ بِقَوْلِهِ، وَهَذَا لَوْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ، لِوُجُودِ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ اتِّحَادُ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ، وَالْحُكْمُ هُنَا هُوَ الضَّمَانُ وَالْحَادِثَةُ هِيَ الْحَفْرُ فِي الطَّرِيقِ، وَنَظِيرُهُ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ فِي الْآيَةِ مُطْلَقٌ، وَقُيِّدَ بِالتَّتَابُعِ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْحَادِثَةُ وَهِيَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ ضَرُورَةُ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَا نَصَّ هُنَا، وَتَقْيِيدُ الْجَوْهَرَةِ الضَّمَانَ بِمَا إذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِضَمَانِ الْمُبَاشِرِ وَلَوْ فِي الْمِلْكِ وَلِذَا قَالَ الرَّمْلِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَهُ بَحْثًا لَا نَقْلًا وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ مُبَاشَرَةٌ لَا تَسَبُّبٌ، وَفِي الْمُبَاشَرَةِ لَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ الْفِعْل فِي مِلْكِهِ أَوْ لَا؛ كَمَنْ رَمَى سَهْمًا فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ شَخْصًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا فُقِدَ عَرَفْت أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْحَادِثَةِ الَّتِي تَكَرَّرَ وُقُوعُهَا وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْأُجَرَاءِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فُرُوعٌ إلَخْ) سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[فَصْلٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

ِ (قَوْلُهُ مَالَ حَائِطٌ) أَيْ عَمَّا هُوَ أَصْلُهُ مِنْ الِاسْتِقَامَةِ وَغَيْرِهَا فَيَشْمَلُ الْمُنْصَدِعَ وَالْوَاهِيَ قُهُسْتَانِيٌّ وَكَذَا الْعُلُوُّ إذَا انْصَدَعَ فَأَشْهَدَ أَهْلُ السُّفْلِ عَلَى أَهْلِ الْعُلُوِّ، وَكَذَا الْحَائِطُ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ النَّوَازِلِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ) أَيْ وَالْخَاصَّةِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاكْتِفَاءِ قُهُسْتَانِيٌّ، لَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>