لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِهِ (وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ) بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ قَبَضَ شَطْرَ الْمِائَةِ قَالَهُ الْأَكْمَلُ. قُلْت: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ قَبَضَ كُلَّ الدَّيْنِ لَكِنَّهُ هُنَا يَحْلِفُ لِحَقِّ الْغَرِيمِ زَيْلَعِيٌّ.
فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى
(أَقَرَّتْ الْحُرَّةُ الْمُكَلَّفَةُ بِدَيْنٍ) لِآخَرَ (فَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا صَحَّ) إقْرَارُهَا (فِي حَقِّهِ أَيْضًا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (فَتُحْبَسُ) الْمُقِرَّةُ (وَتُلَازِمُ) وَإِنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ السِّتِّ الْخَارِجَةِ مِنْ قَاعِدَةِ الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ وَهِيَ فِي الْأَشْبَاهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ أَيْضًا مَنْ كَانَ فِي إجَارَةِ غَيْرِهِ فَأَقَرَّ لِآخَرَ بِدَيْنٍ فَإِنَّ لَهُ حَبْسَهُ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَلَمْ نَرَهَا صَرِيحَةً (وَعِنْدَهُمَا لَا) تُصَدَّقُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ فَلَا تُحْبَسُ وَلَا تُلَازِمُ دُرَرٌ.
قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى قَوْلِهِمَا إفْتَاءً وَقَضَاءً لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْأَبَ يُعَلِّمُهَا الْإِقْرَارَ لَهُ أَوْ لِبَعْضِ أَقَارِبِهَا لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى مَنْعِهَا بِالْحَبْسِ عِنْدَهُ عَنْ زَوْجِهَا كَمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِرَارًا حِينَ اُبْتُلِيتُ بِالْقَضَاءِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. .
ــ
[رد المحتار]
عَلَى غَيْرِهِ يَصِحُّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، حَتَّى تَلْزَمَهُ الْأَحْكَامُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْحَضَانَةِ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَقَدْ رَأَيْتُ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً، وَلِلَّهِ - تَعَالَى - الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمِ بْنِ قُطْلُوبُغَا الْحَنَفِيِّ وَنَصُّهُ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْإِمْلَاءِ وَلَوْ كَانَتْ لِلرَّجُلِ عَمَّةٌ أَوْ مَوْلَى نِعْمَةٍ فَأَقَرَّتْ الْعَمَّةُ أَوْ مَوْلَى النِّعْمَةِ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ بِعَمٍّ أَوْ بِابْنِ عَمٍّ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْمَعْرُوفَ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَالِهِ وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ اهـ هَذَا كَلَامُهُ ثُمَّ قَالَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا دَوْرٌ عِنْدَنَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَوَانِعِ وَذُكِرَ فِي بَابِهِ اهـ
(قَوْلُهُ إلَى نَصِيبِهِ) فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفِي نَصِيبَهُ وَلِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِقَبْضٍ مَضْمُونٍ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا ثُمَّ تَلْتَقِي قِصَاصًا فَقَدْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ كَمَا مَرَّ قَبْلَ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْحَاذِقِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ حَلِفِهِ) أَيْ حَلِفِ الْمُنْكِرِ أَيْ لِأَجْلِ الْأَخِ لَا لِأَجْلِ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغَرِيمِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي وَلَوْ نَكَلَ شَارَكَهُ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ) الِاسْتِدْرَاكُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَحْلِفَ فِي الْأُولَى، وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الْأَكْمَلِ وَمَرَّ جَوَابُهُ (قَوْلُهُ يَحْلِفُ) أَيْ الْمُنْكِرُ بِاَللَّهِ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَبَضَ الدَّيْنَ فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَدِينِ، وَإِنْ حَلَفَ دُفِعَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَيْثُ لَا يَحْلِفُ لِحَقِّ الْغَرِيمِ، لِأَنَّ حَقَّهُ كُلَّهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْلِيفِهِ وَهُنَا لَمْ يُحَصِّلْ إلَّا النِّصْفَ فَيُحَلِّفُهُ زَيْلَعِيٌّ.
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى]
(قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْأَشْبَاهِ) وَعِبَارَتُهَا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ، وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ الدَّارَ لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إلَّا فِي مَسَائِلَ: لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِدَيْنٍ فَلِلدَّائِنِ حَبْسُهَا إنْ تَضَرَّرَ الزَّوْجُ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِ الْعَيْنِ فَلَهُ بَيْعُهَا لِقَضَائِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَلَوْ أَقَرَّتْ مَجْهُولَةُ النَّسَبِ بِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِي زَوْجِهَا وَصَدَّقَهَا الْأَبُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِالرِّدَّةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ لَمْ يَمْلِكْ الرَّجْعَةَ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَتِهِ الْمَبِيعَةِ وَلَهُ أَخٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَتَعَدَّى إلَى حِرْمَانِ الْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ لِكَوْنِهِ لِلِابْنِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ حُرَّةٍ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ صَحَّتْ وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ أَخِيهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ الْمِنَحِ (قَوْلُهُ: إفْتَاءً وَقَضَاءً) بِنَصْبِهِمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ) فِيهِ نَظَرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute