عِنْدَ الْفَتْوَى
(وَمَنْ مَاتَ أَبُوهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ شَارَكَهُ فِي الْإِرْثِ) فَيَسْتَحِقُّ نِصْفَ نَصِيبِ الْمُقِرِّ (وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ. قُلْت: بَقِيَ لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ بِابْنٍ هَلْ يَصِحُّ؟ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا لِأَنَّ مَا أَدَّى وُجُودُهُ إلَى نَفْيِهِ انْتَفَى مِنْ أَصْلِهِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ فَلْيُرَاجَعْ
(وَإِنْ تَرَكَ) شَخْصٌ (ابْنَيْنِ، وَلَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةٌ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ أَبِيهِ خَمْسِينَ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ)
ــ
[رد المحتار]
الْمِنَحِ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: إنْ بِالتَّصْدِيقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي رُوحِ الشُّرُوحِ عَلَى السِّرَاجِيَّةِ. وَاعْلَمْ: أَنَّهُ إنْ شَهِدَ مَعَ الْمُقَرِّ رَجُلٌ آخَرُ أَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ أَوْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِقْرَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِصْرَارُ عَلَى الْإِقْرَارِ إلَى الْمَوْتِ وَلَا يَنْفَعُ الرُّجُوعُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ ح اهـ. وَفِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْمُلْتَقَى لِلطَّرَابُلُسِيِّ: وَصَحَّ رُجُوعُهُ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ مَعْنًى وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ الْمُسَمَّى بِالْمِنْهَاجِ: وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ أَمَّا إذَا صَدَّقَ إقْرَارَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ أَوْ أَقَرَّ بِمِثْلِ إقْرَارِهِ فَلَا يَنْفَعُ الْمُقِرَّ رُجُوعُهُ عَنْ إقْرَارِهِ لِأَنَّ نَسَبَ الْمُقَرِّ لَهُ قَدْ ثَبَتَ مِنْ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ اهـ فَهَذَا كَلَامُ شُرَّاحِ السِّرَاجِيَّةِ فَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِ عَلَيْهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمِنَحِ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهَا هُنَا كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ وَكَذَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الْفَرَائِضِ غَيْرُ مُحَرَّرَةٍ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْفَتْوَى) أَقُولُ: تَحْرِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَهُوَ مَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَهُوَ مَا فِي شُرُوحِ السِّرَاجِيَّةِ فَمَنْشَأُ الِاشْتِبَاهِ تَحْرِيفُ الصِّلَةِ فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي غَيْرِ الْإِقْرَارِ بِنَحْوِ الْوَلَدِ
(قَوْلُهُ: نِصْفَ نَصِيبِ الْمُقِرِّ) وَلَوْ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ شَرْحُ الْمُلْتَقَى وَبَيَانُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ نَفْسِهِ) فَصَارَ كَالْمُشْتَرِي إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي الْعِتْقِ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ بَيَانِيَّةٌ، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: فَإِذَا قُبِلَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ يَسْتَحِقُّ الْمُقِرُّ لَهُ نِصْفَ نَصِيبِ الْمُقِرِّ مُطْلَقًا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى يَجْعَلُ إقْرَارَهُ شَائِعًا فِي التَّرِكَةِ فَيُعْطَى الْمُقِرُّ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مَاتَ أَبُوهُ أَخٌ مَعْرُوفٌ فَأَقَرَّ بِأَخٍ آخَرَ فَكَذَّبَهُ أَخُوهُ الْمَعْرُوفُ فِيهِ أُعْطِيَ الْمُقِرُّ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَعْنِي عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثٍ شَائِعٍ فِي النِّصْفَيْنِ فَنَفَذَ إقْرَارُهُ فِي حِصَّتِهِ. وَبَطَلَ مَا كَانَ فِي حِصَّةِ أَخِيهِ، فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالسُّدُسُ الْآخَرُ فِي نَصِيبِ أَخِيهِ بَطَلَ إقْرَارُهُ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْمُنْكِرُ ظَالِمٌ بِإِنْكَارِهِ فَيُجْعَلُ مَا فِي يَدِ الْمُنْكِرِ كَالْهَالِكِ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا بِالتَّسْوِيَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ تَأْخُذُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ وَعِنْدَهُمَا خُمُسُهُ، وَلَوْ أَقَرَّ ابْنٌ وَبِنْتٌ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُمَا ابْنٌ وَبِنْتٌ يُقْسَمُ نَصِيبُ الْمُقِرِّينَ أَخْمَاسًا وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا، وَالتَّخْرِيجُ ظَاهِرٌ، وَلَوْ أَقَرَّ بِامْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَةُ أَبِيهِ أَخَذَتْ ثَمَنَ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِجَدَّةٍ هِيَ أُمُّ الْمَيِّتِ أَخَذَتْ سُدُسَ مَا فِي يَدِهِ فَيُعَامَلُ فِيمَا فِي يَدِهِ كَمَا يُعَامَلُ لَوْ ثَبَتَ مَا أَقَرَّ بِهِ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: بِابْنٍ) أَيْ مِنْ أَخِيهِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: انْتَفَى) هَذِهِ مَسْأَلَةُ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ الَّتِي عَدَّهَا الشَّافِعِيَّةُ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّوْرِيثِ عَدَمُهُ، بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَخٌ حَائِزٌ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثُ، لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَحُجِبَ الْأَخُ فَلَا يَكُونُ الْأَخُ وَارِثًا حَائِزًا فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالِابْنِ، فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَلَا يَرِثُ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْإِرْثِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ وَمَا أَدَّى إثْبَاتُهُ إلَى نَفْيِهِ انْتَفَى مِنْ أَصْلِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ بَاطِنًا أَنْ يَدْفَعَ لِلِابْنِ التَّرِكَةَ إذَا كَانَ صَادِقًا فِي إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَعَمْ) يَعْنِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ إقْرَارِ هَذَا الْأَخِ بِالِابْنِ، وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ فِي حَقٍّ فَقَطْ فَيَرِثُ الِابْنُ دُونَهُ لَمَّا قَالُوا: إنَّ الْإِقْرَارَ بِنَسَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute