بِجَمَاعَةٍ وَقِيلَ: يَكْفِي وَاحِدٌ وَجَعَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ.
[فَرْعٌ] أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ نَقْضَ الْمَسْجِدِ وَبِنَاءَهُ أَحْكَمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَانِيَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَا بَزَّازِيَّةٌ.
(وَإِذَا جَعَلَ تَحْتَهُ سِرْدَابًا لِمَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (جَازَ) كَمَسْجِدِ الْقُدْسِ (وَلَوْ جَعَلَ لِغَيْرِهَا أَوْ) جَعَلَ (فَوْقَهُ بَيْتًا وَجَعَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ إلَى طَرِيقٍ وَعَزَلَهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا) يَكُونُ مَسْجِدًا.
(وَلَهُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ) خِلَافًا لَهُمَا
ــ
[رد المحتار]
فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلِمْت أَرْجَحِيَّتَهُ فِي الْوَقْفِ وَالْقَضَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِجَمَاعَةٍ) لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَتَسْلِيمُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ، فَفِي الْمَقْبَرَةِ بِدَفْنِ وَاحِدٍ وَفِي السِّقَايَةِ بِشُرْبِهِ وَفِي الْخَانِ بِنُزُولِهِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ، وَاشْتِرَاطُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلِذَا شُرِطَ أَنْ تَكُونَ جَهْرًا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِرْ مَسْجِدًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ اتَّحَدَ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ وَصَلَّى فِيهِ وَحْدَهُ صَارَ مَسْجِدًا بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَالْجَمَاعَةِ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِذْ قَدْ عَرَفْت أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ أُقِيمَتْ مَقَامَ التَّسْلِيمِ، عَلِمْت أَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي يَكُونُ مَسْجِدًا دُونَهَا: أَيْ دُونَ الصَّلَاةِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ يَحْصُلُ تَمَامُ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ تَعَالَى، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَقِيلَ لَا وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَكْفِي وَاحِدٌ) لَكِنْ لَوْ صَلَّى الْوَاقِفُ وَحْدَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا تُشْتَرَطُ لِأَجْلِ الْقَبْضِ لِلْعَامَّةِ، وَقَبْضُهُ لِنَفْسِهِ لَا يَكْفِي فَكَذَا صَلَاتُهُ فَتْحٌ وَإِسْعَافٌ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ) وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ كَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ عَلِمْت تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ فَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَيْضًا.
[فَرْعٌ أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ نَقْضَ الْمَسْجِدِ وَبِنَاءَهُ أَحْكَمَ مِنْ الْأَوَّلِ]
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَانِيَ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بَانِي الْمَسْجِدِ أَوَّلًا، لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُرَادَ مُرِيدُ الْبِنَاءِ الْآنَ وَفِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ: مَسْجِدٌ مَبْنِيٌّ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَنْقُضَهُ وَيَبْنِيَهُ أَحْكَمَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ مُضْمَرَاتٌ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَنْهَدِمَ، إنْ لَمْ يُهْدَمْ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَتَأْوِيلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَانِي مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ، وَأَمَّا أَهْلُهَا فَلَهُمْ أَنْ يَهْدِمُوهُ وَيُجَدِّدُوا بِنَاءَهُ وَيَفْرِشُوا الْحَصِيرَ، وَيُعَلِّقُوا الْقَنَادِيلَ، لَكِنْ مِنْ مَالِهِمْ لَا مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي خُلَاصَةٌ، وَيَضَعُوا حِيضَانَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ وَالْوُضُوءِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْمَسْجِدِ بَانٍ فَإِنْ عُرِفَ فَالْبَانِي أَوْلَى، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ مَنْعُهُمْ مِنْ نَقْضِهِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ، وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ تَحْوِيلُ بَابِ الْمَسْجِدِ خَانِيَّةٌ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَهُمْ تَحْوِيلُ الْمَسْجِدِ إلَى مَكَان آخَرَ إنْ تَرَكُوهُ بِحَيْثُ لَا يُصَلَّى فِيهِ، وَلَهُمْ بَيْعُ مَسْجِدٍ عَتِيقٍ لَمْ يُعْرَفْ بَانِيهِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ. اهـ. سَائِحَانِيٌّ. اهـ.
قُلْت: وَفِي الْهِنْدِيَّةِ آخِرَ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ نَقْلًا عَنْ الْكُبْرَى: أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَفِيهِ نَفْعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا قَالَ هُنَا وَذُكِرَ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ لَا يَحْفِرُ، وَيَضْمَنُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَا اهـ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ جُمْلَةٌ وَافِيَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا جَعَلَ تَحْتَهُ سِرْدَابًا) جَمْعُهُ سَرَادِيبُ، بَيْتٌ يُتَّخَذُ تَحْتَ الْأَرْضِ لِغَرَضِ تَبْرِيدِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَشَرَطَ فِي الْمِصْبَاحِ أَنْ يَكُونَ ضَيِّقًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ جَعَلَ فَوْقَهُ بَيْتًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ لِلْمَسْجِدِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ كَوْنِهِ مَسْجِدًا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْإِسْعَافِ فَقَالَ: وَإِذَا كَانَ السِّرْدَابُ أَوْ الْعُلُوُّ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَا وَقْفًا عَلَيْهِ صَارَ مَسْجِدًا. اهـ. شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute