بَلْ تَكُونُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ لَا نَفَقَةٌ.
(وَ) تَجِبُ (عَلَى مُوسِرٍ) وَلَوْ صَغِيرًا (يَسَارَ الْفِطْرَةِ) عَلَى الْأَرْجَحِ وَرَجَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ إنْفَاقَ فَاضِلِ كَسْبِهِ.
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]
ِ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ نَفَقَةِ الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا) ؛ لِأَنَّهُ كَالْكَبِيرِ فِيمَا يَجِبُ فِي مَالِهِ مِنْ حَقِّ عَبْدٍ، فَيُطَالِبُ بِهِ وَلِيَّهُ كَمَا يُطَالِبُ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ يَسَارُ الْفِطْرَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ بِأَنْ يَمْلِكَ مَا يَحْرُمُ بِهِ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَهُوَ نِصَابٌ وَلَوْ غَيْرَ تَامٍّ فَاضِلٍ عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي الْهِدَايَةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَصَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى، وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ وَبِهِ يُفْتَى وَاخْتَارَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الزَّيْلَعِيُّ) عِبَارَتَهُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ شَهْرًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِرَفِ فَهُوَ مُقَدَّرٌ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ كُلَّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ الْقُدْرَةُ دُونَ النِّصَابِ، وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَيَصْرِفُهَا إلَى أَقَارِبِهِ، وَهَذَا أَوْجَهُ. وَقَالُوا: الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا تَوْفِيقٌ بَيْنَ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ: الْأُولَى - اعْتِبَارُ فَاضِلِ نَفَقَةِ شَهْرٍ. وَالثَّانِيَةُ - فَاضِلُ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى لَوْ كَانَ كَسْبُهُ دِرْهَمًا وَيَكْفِيهِ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ وَجَبَ عَلَيْهِ دَانَقَانِ لِلْقَرِيبِ. قَالَ: وَمَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْكَسْبِ. وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَرْفَقُ. ثُمَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى. اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ وَصَاحِبَ التُّحْفَةِ رَجَّحَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا وَالسَّرَخْسِيُّ وَالْكَمَالُ رَجَّحَا قَوْلَهُ لَوْ كَسُوبًا، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ. وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا أَنَّهُ الْأَرْفَقُ. قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي حَدِّ الْيَسَارِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَرْوِيَّةٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَأَنَّ الثَّالِثَ تَحْتَهُ قَوْلَانِ، وَعَلَى تَوْفِيقِ الْفَتْحِ هِيَ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الثَّالِثَ لَيْسَ تَقْيِيدًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، بَلْ هُوَ قَوْلٌ آخَرُ فَافْهَمْ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَفْتَى بِهِ أَيْ بِالثَّالِثِ الْمَذْكُورِ، فَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي. اهـ قُلْت: مَرَّ فِي رَسْمِ الْمُفْتِي أَنَّ الْأَصَحَّ التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، فَحَيْثُ كَانَ الثَّالِثُ هُوَ الْأَوْجَهُ أَيْ الْأَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ التَّوْجِيهُ وَالِاسْتِدْلَالُ كَانَ هُوَ الْأَرْجَحُ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْفَتْوَى عَلَى غَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: قَالُوا الْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ بِصِيغَةِ قَالُوا لِلتَّبَرِّي، وَكَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى أَيْ عَلَى الثَّالِثِ.
مَطْلَبٌ، صَاحِبُ الْفَتْحِ ابْنُ الْهُمَامِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْكَمَالُ صَاحِبُ الْفَتْحِ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ بَلْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي نِكَاحِ الرَّقِيقِ، وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ، وَكَذَا صَاحِبُ النَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ وَالشُّرُنْبُلالي وَأَقَرُّوهُ عَلَيْهِ. وَيَكْفِي أَيْضًا مَيْلُ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ إلَيْهِ، وَقَوْلُ التُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ إنَّهُ الْأَرْفَقُ، فَحَيْثُ كَانَ هُوَ الْأَوْجَهُ وَالْأَرْفَقُ، وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَجَبَ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْيَسَارِ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ صُرِّحَ بِهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَالدُّرَرِ وَالنُّقَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالْمُلْتَقَى وَالْمَوَاهِبِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ أَيْضًا: وَلَا يُجْبَرُ الْمُعْسِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الِاخْتِيَارِ، وَنَحْوُهُ فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَا يَجِبُ عَلَى الِابْنِ الْفَقِيرِ نَفَقَةُ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ حُكْمًا إلَّا إنْ كَانَ وَالِدُهُ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ وَلِلِابْنِ عِيَالٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَضُمَّهُ إلَى عِيَالِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى الْكُلِّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute