للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَدِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (إذَا لَمْ تَطْلُبْ زِيَادَةً عَلَى مَا تَأْخُذُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ) وَلَوْ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ، بَلْ الْأَجْنَبِيَّةُ الْمُتَبَرِّعَةُ أَحَقُّ مِنْهَا زَيْلَعِيٌّ أَيْ فِي الْإِرْضَاعِ؛ أَمَّا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ فَلِلْأُمِّ كَمَا مَرَّ وَلِلرَّضِيعِ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ، وَلِلْأُمِّ أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ، وَحُكْمُ الصُّلْحِ كَالِاسْتِئْجَارِ. وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ وَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ

ــ

[رد المحتار]

وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ قَبْلَ الْعِدَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي تَأْخُذُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ أَجْرَ الْمِثْلِ فَالْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى ط (قَوْلُهُ أَحَقُّ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأُمِّ حَيْثُ طَلَبَتْ شَيْئًا، وَلَمْ يُقَيِّدُوا هُنَا بِكَوْنِ الْأَبِ مُعْسِرًا كَمَا فِي الْحَضَانَةِ ط (قَوْلُهُ أَمَّا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْحَضَانَةَ تَبْقَى لِلْأُمِّ فَتُرْضِعُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ الْمُتَبَرِّعَةُ بِالْإِرْضَاعِ عِنْدَ الْأُمِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَنَحْوِهِ مَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ، وَأَنَّ لِلْأُمِّ أَخْذَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا تَكُونُ الْأَجْنَبِيَّةُ الْمُتَبَرِّعَةُ بِهَا أَوْلَى، نَعَمْ لَوْ تَبَرَّعَتْ الْعَمَّةُ بِحَضَانَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمْنَعَ الْأُمَّ عَنْهُ وَالْأَبُ مُعْسِرٌ؛ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْأُمِّ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الْوَلَدَ بِلَا أَجْرٍ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِ إلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي الْحَضَانَةِ، وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَضَانَةِ وَالْإِرْضَاعِ هُنَا، وَهُوَ أَنَّ انْتِقَالَ الْإِرْضَاعِ إلَى غَيْرِ الْأُمِّ لَا يَتَقَيَّدُ بِطَلَبِ الْأُمِّ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا بِإِعْسَارِ الْأَبِ وَلَا بِكَوْنِ الْمُتَبَرِّعَةِ عَمَّةً أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَقَارِبِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْحَضَانَةِ.

(قَوْلُهُ وَلِلرَّضِيعِ النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ) فَبِذَلِكَ صَارَ عَلَى الْأَبِ ثَلَاثُ نَفَقَاتٍ: أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ، وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ مِنْ صَابُونٍ وَدُهْنٍ وَفُرُشٍ وَغِطَاءٍ. وَفِي الْمُجْتَبَى: وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ فَمُؤْنَةُ الرَّضَاعِ وَنَفَقَتُهُ بَعْدَ الْفِطَامِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بَحْرٌ، وَسَكَتَ عَنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي تَحْضُنُهُ فِيهِ، وَاَلَّذِي فِي مُعِينِ الْمُفْتِي الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ حَمَوِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ ط، وَفِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ فِي الْحَضَانَةِ (قَوْلُهُ وَلِلْأُمِّ أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ) بَلْ تَسْتَحِقُّهُ بِالْإِرْضَاعِ فِي الْمُدَّةِ مُطْلَقًا كَذَا فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَرَدَّهُ الْمَقْدِسِيَّ فِي [الرَّمْزِ شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ] بِأَنَّ الظَّاهِرَ اشْتِرَاطُ الْعَقْدِ، وَمَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ. اهـ فَافْهَمْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ حُسَامِ الدِّينِ عَلَى أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ: فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَطَلَبَتْ أَجْرَ الرَّضَاعِ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَنْظُرُ الْقَاضِي بِكَمْ يَجِدُ امْرَأَةً غَيْرَهَا فَيَأْمُرُ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهَا {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] إلَخْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْأُجْرَةِ حَوْلَانِ عِنْدَ الْكُلِّ حَتَّى لَا تُسْتَحَقَّ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إجْمَاعًا وَتُسْتَحَقُّ فِيهِمَا إجْمَاعًا. وَفِيهِ: لَوْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِالْحَوْلَيْنِ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ بَعْدَهُمَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ إلَّا عِنْدَ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ الصُّلْحِ كَالِاسْتِئْجَارِ) يَعْنِي لَوْ صَالَحَتْ زَوْجَهَا عَنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ الصُّلْحُ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ بِوَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ جَازَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ، وَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفُ مُرَادِفٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَفَقَةُ الْمُرْضِعِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي تَأْخُذُهَا مِنْ الزَّوْجِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ، يَعْنِي أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْأُمُّ مِنْ الْأَبِ لِتُنْفِقَهُ عَلَى نَفْسِهَا بِمُقَابَلَةِ إرْضَاعِ الْوَلَدِ هُوَ أُجْرَةٌ لَا نَفَقَةٌ، فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ لَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ بِمَوْتِهِ بَلْ تَجِبُ لَهَا فِي تَرِكَتِهِ وَتُشَارِكُ غُرَمَاءَهُ، فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ أَصْحَابِ دُيُونِهِ؛ وَلَوْ كَانَ نَفَقَةً لَسَقَطَتْ كَمَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَدَانَةً بِأَمْرِ الْقَاضِي، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي حَلِّ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَأَصْلُهَا لِصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِلَفْظِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>