وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ
[مَطْلَبٌ فِيمَنْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ]
(الْبَانِي) لِلْمَسْجِدِ (أَوْلَى) مِنْ الْقَوْمِ (بِنَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ فِي الْمُخْتَارِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْقَوْمُ أَصْلَحَ مِمَّنْ عَيَّنَهُ) الْبَانِي
(صَحَّ الْوَقْفُ قَبْلَ وُجُودِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ أَوْ عَلَى مَكَان هَيَّأَهُ لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ صَحَّ (فِي الْأَصَحِّ) وَتُصْرَفُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يُولَدَ لِزَيْدٍ أَوْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ عِمَادِيَّةٌ زَادَ فِي النَّهْرِ:
ــ
[رد المحتار]
الشَّارِحُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ. اهـ. قُلْت: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ التَّحْقِيقَ هُوَ التَّفْصِيلُ وَالتَّوْفِيقُ وَذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى إثْبَاتِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَلَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الْغَلَّةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَقَدْ مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى تَحْقِيقُ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ مِنْ أَنَّ ثُبُوتَ أَصْلِ الْوَقْفِ لَا يَحْتَاجُ لِلدَّعْوَى وَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا يُدْفَعُ لَهُ شَيْءٌ بِلَا دَعْوَى حِينَئِذٍ، فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِتَنَاقُضِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ مِنْهُمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ [تَنْبِيهٌ]
بَقِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا وَقْفٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْبَائِعِ لَوْ هُوَ الْمُتَوَلِّي وَإِلَّا نَصَبَ الْقَاضِي لَهُ مُتَوَلِّيًا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرَ وَغَيْرِهِ: وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَوَلِّي لِلتَّنَاقُضِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي الْخَيْرِيَّةِ فِي الثُّلُثِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ
(قَوْلُهُ الْبَانِي أَوْلَى) وَكَذَا وَلَدُهُ وَعَشِيرَتُهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ أَشْبَاهٌ (قَوْلُهُ: بِنَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ) أَمَّا فِي الْعِمَارَةِ فَنَقَلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّ الْبَانِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا عَيَّنَ الْقَوْمُ أَصْلَحَ مِمَّنْ عَيَّنَهُ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ تَرْجِعُ إلَيْهِمْ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَكَان هَيَّأَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَكَانَ مَوْجُودٌ فَيَكُونُ وَقْفًا عَلَى مَوْجُودٍ وَاَلَّذِي فِي الْمِنَحِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ هَيَّأَ مَوْضِعًا لِبِنَاءِ مَدْرَسَةٍ وَقَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ وَقَفَ عَلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَقْفًا لِشَرَائِطِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ وَقَيَّدَ بِتَهْيِئَةِ الْمَكَانِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ سَيُعَمِّرُهُ وَلَمْ يُهَيِّئْ مَكَانَهُ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ كَمَا أَفْتَى بِهِ مُفْتِي دِمَشْقَ الْمُحَقِّقُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ (قَوْلُهُ وَتُصْرَفُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا الْوَقْفُ يُسَمَّى مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ يَصِحُّ فَإِذَا أَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ تُقْسَمُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْوَلَدِ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَذَكَرَ الْوَلَدَ الْحَادِثَ لِلِاسْتِثْنَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا إنْ حَدَثَ لِي وَلَدٌ فَغَلَّتُهَا لَهُ مَا بَقِيَ اهـ وَمِنْهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدُ ابْنٍ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ الِابْنِ إلَى أَنْ يَحْدُثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ فَتُصْرَفُ إلَيْهِ اهـ وَقَدْ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَفَ عَلَى وَلَدَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَلَدٍ يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْبَاقِي وَالنِّصْفَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ يُصْرَفُ الْجَمِيعُ إلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَازِمٌ وَالْوَاقِفُ إنَّمَا جَعَلَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يُصْرَفُ النِّصْفُ إلَى الْفُقَرَاءِ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَالْمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ [تَنْبِيهٌ]
عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ وَمُنْقَطِعَ الْوَسَطِ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ. وَوَقَعَ فِي الْخَيْرِيَّةِ خِلَافٌ حَيْثُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ جَوَابِ مَا نَصَّهُ لِلِانْقِطَاعِ الَّذِي صَرَّحُوا، بِأَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute