للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَيَجِيءُ مَتْنًا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْحًا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَضَاءَ يَصِحُّ فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ لَا الْخِلَافِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلًا لَا الثَّانِي وَهَلْ اخْتِلَافُ الشَّافِعِيِّ مُعْتَبَرٌ؟ الْأَصَحُّ نَعَمْ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

(يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ يَوْمِ الْقَتْلِ) فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ فِي يَوْمِ كَذَا ثُمَّ بَرْهَنَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ الْمَيِّتَ نَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَضَى بِالنِّكَاحِ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى قَتْلِهِ فِيهِ فَبَرْهَنَتْ أَنَّ الْمَقْتُولَ نَكَحَهَا بَعْدَهُ

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْخِلَافَ إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِأَنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ نَفْسَ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ لَا يَنْفُذُ مَا لَمْ يُنْفِذْهُ قَاضٍ ثَانٍ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ الثَّانِي هُوَ النَّافِذُ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى ثَالِثٍ وَجَبَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ وَلَا يَصِحُّ إبْطَالُهُ إيَّاهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ نَفْسَ الْمَقْضِيِّ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ بِهِ نَافِذٌ بِدُونِ تَنْفِيذٍ، وَإِذَا رُفِعَ إلَى آخَرَ نَفَّذَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبَهُ وَهَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ آخَرَ نَفَّذَهُ، وَبِخِلَافِ مَا خَالَفَ الدَّلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَإِنْ نَفَّذَ أَلْفُ قَاضٍ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً مَشْهُورَةً أَوْ إجْمَاعًا وَبِهِ تَمَّتْ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ فَافْهَمْ وَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ.

(وَقَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ مَتْنًا) أَيْ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي ح.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْحًا) حَيْثُ عَدَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ جُمْلَةِ مَا لَا يَنْفُذُ لِمُخَالَفَتِهِ الدَّلِيلَ لَكِنْ نَقَلَ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ حِكَايَةَ قَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) هَذِهِ تَفْرِقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ} [البقرة: ٢١٣] {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: ٤] وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَا دَلِيلَ لَهُ بِالنَّظَرِ لِلْمُخَالِفِ، وَإِلَّا فَالْقَائِلُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا ثُمَّ مَسَائِلُ الْخِلَافِ الَّتِي لَا يُنْفِذُهَا هِيَ مَا تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ إلَّا مَا خَالَفَ كِتَابًا إلَخْ ط.

(قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ نَعَمْ) وَقِيلَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْخِلَافُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ مُجْتَهِدُونَ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ الْمَحَلِّ اجْتِهَادِيًّا وَإِلَّا فَلَا وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ أَهْلُ اجْتِهَادٍ وَرِفْعَةٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ خَالَعَ الْأَبُ الصَّغِيرَةَ عَلَى صَدَاقِهَا وَرَآهُ خَيْرًا لَهَا صَحَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَبَرِئَ الزَّوْجُ عَنْهُ، فَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الصَّغِيرَةِ زَوَّجَهَا مِنْ صَغِيرٍ، وَقَبِلَ أَبُوهُ وَكَبِرَ الصَّغِيرَانِ وَبَيْنَهُمَا غَيْبَةٌ مُنْقَطِعَةٌ، وَقَدْ كَانَ التَّزَوُّجُ بِشَهَادَةِ الْفَسَقَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ لِيُبْطِلَ هَذَا النِّكَاحَ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ بِشَهَادَةِ الْفَسَقَةِ قَالَ نَعَمْ اهـ ط.

قُلْت: وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ أَرَهَا فِي الْفَتْحِ بَلْ ذَكَرَ مَسْأَلَةً غَيْرَهَا وَذَكَرَ عِبَارَتَهُ فِي الْبَحْرِ.

[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

(قَوْلُهُ: يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ) أَيْ لَا يُقْضَى بِهِ قَصْدًا بِأَنْ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي يَوْمِ مَوْتِ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَوْمِ كَذَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَهُ كَتَقْدِيمِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ ادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقُولُ: هَذَا لِي وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي إنْ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَأَنْصَافًا، وَإِنْ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ الْقَوْلُ بِدُخُولِ يَوْمِ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي تَقْدِيمِ الْمِلْكِ قَصْدًا اهـ، وَفِيهَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ ضَيْعَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ وَوَرِثَتْهَا مِنْهُ أُخْتُهُ فُلَانَةُ فَمَاتَتْ وَأَنَا وَارِثُهَا وَبَرْهَنَ تُسْمَعُ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمَطْلُوبُ أَنَّ فُلَانَةَ مَاتَتْ قَبْلَ فُلَانٍ يَعْنِي مُوَرِّثَهَا صَحَّ الدَّفْعُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ زَمَانَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ، قِيلَ النِّزَاعُ لَمْ يَقَعْ فِي الْمَوْتِ الْمُجَرَّدِ فَصَارَ كَالْوَرَثَةِ تَنَازَعُوا فِي تَقْدِيمِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ مِنْ الْمُوَرِّثِ الْآخَرِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي تَقْدِيمِ مَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَ الْجَدِّ أَوْ بَعْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى شَيْئًا لِأَبِيهِ وَبَرْهَنَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا وَأَنَّهُ مَاتَ يَوْمَ كَذَا بِيرِيٌّ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ.

(قَوْلُهُ: قَضَى بِالنِّكَاحِ) أَيْ فَيَجْعَلُ لَهَا الصَّدَاقَ وَالْمِيرَاثَ مَعَ الِابْنِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>