للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تُقْبَلُ وَكَذَا جَمِيعُ الْعُقُودِ وَالْمُدَايَنَاتِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ الَّتِي مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا بِتَارِيخٍ مُنَاقِضٍ لِمَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ أَشْبَاهٌ

ــ

[رد المحتار]

بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْمَوْتِ بَلْ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَوْتِ، وَالنِّكَاحُ سَبَبٌ سَابِقٌ وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ يَوْمُ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ جَعَلَ وُجُودَ ذَلِكَ التَّارِيخِ وَعَدَمَهُ سَوَاءً، وَلَوْ عَدِمَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا وَيَقْضِي بِحَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِمَا مُمْكِنٌ فَكَذَا هُنَا اهـ بِيرِيٌّ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَفِيهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَيَقْضِي لَهَا الْقَاضِي بِالْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الِابْنِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِبَيِّنَةِ الِابْنِ بِمَوْتِ الْأَبِ لَا بِوَقْتِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَوْتِ لَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ بَلْ فِي أَيِّ وَقْتٍ يَمُوتُ يَكُونُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ فَصَارَ كَأَنَّ الِابْنَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِ الْأَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ اهـ. [تَنْبِيهٌ]

ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ إذَا كَانَ الْمَوْتُ مُسْتَفِيضًا عَلِمَ بِهِ كُلُّ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَعَالِمٍ وَجَاهِلٍ لَا يَقْضِي لِلْخَصْمِ، وَلَا يَكُونُ بِطَرِيقِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْتِ بَلْ بِطَرِيقِ التَّيَقُّنِ بِكَذِبِ الْمُدَّعِي، وَارْجِعْ إلَى الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ يَظْهَرُ لَك صِحَّةُ مَا قُلْته اهـ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ.

(قَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ) قَالَ فِي الْأَجْنَاسِ: وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَالْمَوْتُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لَازِمٌ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا لَمْ يَخْلُ عَنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ وَفِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّكَاحِ فِي زَمَانٍ مُتَأَخِّرٍ إسْقَاطُ أَصْلِ الْقَتْلِ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ مَقْتُولًا فِي زَمَانٍ ثُمَّ يَبْقَى حَيًّا فَيَتَزَوَّجُ فَكَانَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ يَتَضَمَّنُ حَقًّا لَازِمًا فَلَمَّا تَضَمَّنَتْ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ إسْقَاطَ هَذَا الْحَقِّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا، وَلَا كَذَلِكَ بَيِّنَةُ الِابْنِ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَيِّنَتُهَا لَا تَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَرِثُ مَعَ الْمَرْأَةِ كَمَا يَرِثُ إذَا انْفَرَدَ فَلَمْ تَتَعَارَضْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْإِرْثِ بَيْنَ إسْقَاطِهِ وَإِثْبَاتِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِعْ قَبُولُ بَيِّنَتِهَا اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فُلَانٌ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِزَمَانٍ يَكُونُ دَفْعًا لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْقَضَاءِ اهـ بِيرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمِيعُ الْعُقُودِ) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ، فَإِنَّهَا كَالْقَتْلِ تَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ بَاعَهُ كَذَا يَوْمَ كَذَا وَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ بَاعَهُ قَبْلَهُ يَكُونُ دَفْعًا. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ فَقَضَى بِشُهُودِهَا ثُمَّ أَقَامَتْ أُخْرَى بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِخُرَاسَانَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ التَّارِيخُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا تَحْتَ الْقَضَاءِ. وَصُورَتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا وَلَدٌ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ وَالِدَ هَذَا تَزَوَّجَهَا مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهُ مِنْهَا وَوَارِثُهُ مَعَ ابْنِهِ هَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَسْتَحْسِنُ فِي هَذَا أَنْ أُجِيزَ بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ وَأُثْبِتَ نَسَبَ الْوَلَدِ وَلَا أُبْطِلُ بَيِّنَةَ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ، وَكَانَ هَذَا الِاسْتِحْسَانُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي أَمْرِ النَّسَبِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَمْ تَأْتِ بِالْوَلَدِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ وَلَهُ الْمِيرَاثُ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ اهـ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَلَا أَبْطَلَ بَيِّنَةَ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ يُنَافِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ وَعَنْ هَذَا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ فِي أَوَّلِ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّ حَرْفَ النَّفْيِ زَائِدٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ: وَإِبْطَالُ بَيِّنَةِ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقْضِيَ بِبَيِّنَةِ الْقَتْلِ اهـ.

قُلْت: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا فِي دَعْوَى الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ بَرْهَنَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبِي مُنْذُ سَنَةٍ، وَبَرْهَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ الْمَاضِيَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْأَخْذُ بِالْأَحْدَثِ أَوْلَى إذَا كَانَ شَيْئًا مَشْهُورًا اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا يُقَيِّدُهُ بِهِ وَمَا مَضَى أَيْضًا وَهُوَ قَيْدٌ لَازِمٌ لَا بُدَّ مِنْهُ حِينَ لَوْ اُشْتُهِرَ مَوْتُ رَجُلٍ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>