للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ حَفَرُوا نَهْرًا وَأَلْقَوْا تُرَابَهُ ... فَلَوْ فِي حَرِيمٍ لَيْسَ بِالنَّقْلِ يُؤْمَرُ

كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ هِيَ جَمْعُ شَرَابٍ (وَالشَّرَابُ) لُغَةً: كُلُّ مَائِعٍ يُشْرَبُ وَاصْطِلَاحًا (مَا يُسْكِرُ وَالْمُحَرَّمُ مِنْهَا أَرْبَعَةُ) أَنْوَاعٍ.

(الْأَوَّلُ: الْخَمْرُ وَهِيَ النِّيءُ) بِكَسْرِ النُّونِ فَتَشْدِيدِ الْيَاءِ (مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ) أَيْ رَمَى (بِالزَّبَدِ) أَيْ الرَّغْوَةِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا قَذْفَهُ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الْمَوَاهِبِ وَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ وَقَدْ تُطْلَقُ الْخَمْرُ عَلَى غَيْرِ مَا ذُكِرَ مَجَازًا. ثُمَّ شَرَعَ فِي أَحْكَامِهَا الْعَشَرَةِ فَقَالَ (وَحُرِّمَ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا) بِالْإِجْمَاعِ

ــ

[رد المحتار]

النَّاظِمَ جَرَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، فَاشْتِرَاطُ الْإِذْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَفَرُوا نَهْرًا إلَخْ) الشَّطْرُ الثَّانِي لَهُ غَيَّرَ بِهِ نَظْمَ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ مَسْأَلَتَيْنِ:

الْأُولَى: نَهْرٌ لِقَوْمٍ يَجْرِي فِي أَرْضٍ حَفَرُوهُ وَأَلْقَوْا تُرَابَهُ فَإِنْ أَلْقَوْهُ فِي غَيْرِ حَرِيمِ النَّهْرِ فَلَهُمْ أَخْذُهُ بِنَقْلِهِ وَإِلَّا فَلَا،

وَالثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ يَجْرِي فِي سِكَّةٍ فَكَذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

ِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الشِّرْبِ لِأَنَّهُمَا شُعْبَتَا عِرْقٍ وَاحِدٍ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَقَدَّمَ الشِّرْبَ لِمُنَاسَبَتِهِ لِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ وَالْمِنَحِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَأُصُولُ الْأَشْرِبَةِ الثِّمَارُ كَالْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحُبُوبَاتُ كَالْبُرِّ وَالذُّرَةِ وَالدَّخَنُ وَالْحَلَاوَاتُ كَالسُّكْرِ وَالْفَانِيذِ وَالْعَسَلِ وَالْأَلْبَانُ كَلَبَنِ الْإِبِلِ وَالرِّمَاكُ وَالْمُتَّخَذُ مِنْ الْعِنَبِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ أَوْ سِتَّةٌ وَمِنْ الثَّمَرِ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ الزَّبِيبِ اثْنَانِ وَمِنْ كُلِّ الْبَوَاقِي وَاحِدٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى نَوْعَيْنِ نِيءٌ وَمَطْبُوخٌ اهـ (قَوْلُهُ كُلُّ مَائِعٍ يُشْرَبُ) أَيْ هُوَ اسْمٌ مِنْ الشُّرْبِ أَيْ مَا يُشْرَبُ مَاءً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ حَلَالًا أَوْ غَيْرَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَنَّثَ الضَّمِيرَ، لِأَنَّ الْخَمْرَ مُؤَنَّثَةٌ سَمَاعًا قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَقَدْ تُذَكَّرُ أَيْ نَظَرًا لِلَّفْظِ (قَوْلُهُ بِكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ) هَذَا خِلَافُ الْأَصْلِ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ فِي بَابِ الْهَمْزَةِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ النِّيءُ بِكَسْرِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْيَاءِ وَالْهَمْزَةِ، وَفِي الْمُغْرِبِ وَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ عَلَى الْقَلْبِ وَالْإِدْغَامِ أَيْ غَيْرُ النَّضِيجِ، وَمِثْلُهُ فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ وَفِي الْعَزْمِيَّةِ الْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ إنَّهُ عَامِّيٌّ (قَوْلُهُ إذَا غَلَى) أَيْ ارْتَفَعَ أَسْفَلُهُ إذْ أَصْلُهُ الِارْتِفَاعُ كَمَا فِي الْمَقَايِيسِ وَقَوْلُهُ: اشْتَدَّ أَيْ قَوِيَ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُسْكِرًا قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْ رَمَى بِالزَّبَدِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الزَّبَدِ فَيَصْفُوا وَيَرُوقُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) وَاعْتَمَدَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُمَا تَصْحِيحُ قَاسِمٍ، وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَأَنَا آخُذُ بِقَوْلِهِمَا دَفْعًا لِتَجَاسُرِ الْعَوَامّ، لِأَنَّهُمْ إذَا عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ يَحِلُّ قَبْلَ قَذْفِ الزَّبَدِ يَقَعُونَ فِي الْفَسَادِ اهـ وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يُؤْخَذُ فِي حُرْمَةِ الشُّرْبِ بِمُجَرَّدِ الِاشْتِدَادِ وَفِي الْحَدِّ بِقَذْفِ الزَّبَدِ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ وَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْكُلُّ حَرَامٌ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ اهـ ح (قَوْلُهُ وَقَدْ تُطْلَقُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: هَذَا الِاسْمُ خُصَّ بِالشُّرْبِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلَا نَقُولُ إنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ لِاشْتِقَاقِهِ مِنْ مُخَامَرَةِ الْعَقْلِ فَإِنَّ اللُّغَةَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْقِيَاسُ، فَلَا يُسَمَّى الدَّنُّ قَارُورَةً لِقَرَارِ الْمَاءِ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَقَوْلُهُ «إنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا وَإِنْ مِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا وَمِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا» فَجَوَابُهُ: أَنَّ الْخَمْرَ حَقِيقَةً تُطْلَقُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَغَيْرِهِ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ اسْمٌ مِثْلُ الْمُثَلَّثِ وَالْبَاذِقِ وَالْمُنَصَّفِ وَنَحْوِهَا وَإِطْلَاقُ الْخَمْرِ عَلَيْهَا مَجَازًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ اهـ مُلَخَّصًا أَوْ هُوَ لِبَيَانِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْث لَهُ لَا لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ قَلِيلُهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>