للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحَالُ ارْتِدَادٍ مِنْهُ لَا وَقْفَ أَجْدَرُ.

[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ]

فَصْلٌ يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ فَلَمْ يَزِدْ الْقَيِّمُ بَلْ الْقَاضِي لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّظَرِ لِفَقِيرٍ وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ (فَلَوْ أَهْمَلَ الْوَاقِفُ مُدَّتَهَا قِيلَ تُطْلَقُ) الزِّيَادَةُ لِلْقَيِّمِ (وَقِيلَ تُقَيَّدُ بِسَنَةٍ) مُطْلَقًا (وَبِهَا) أَيْ بِالسَّنَةِ (يُفْتَى فِي الدَّارِ وَبِثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْأَرْضِ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ مُلَاقٍ لِلسُّؤَالِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ. فَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ: أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ قُرْبَةٌ بَاقِيَةٌ إلَى حَالِ الرِّدَّةِ وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُ الْقُرْبَةَ الَّتِي قَارَنَتْهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّ فِي حَالِ صَلَاتِهِ أَوْ صَوْمِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَوْ صِيَامِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ نَفْسَ الْفِعْلِ، بَلْ ثَوَابُهُ فَقَطْ وَأَمَّا حَقُّ الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّمَا هُوَ فِي الصَّدَقَةِ فَقَطْ، فَإِذَا بَطَلَ التَّصَدُّقُ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْوَقْفِ بَطَلَ حَقُّهُمْ ضِمْنًا وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ قَصْدًا كَمَا يَبْطُلُ فِي خَرَابِ الْوَقْفِ وَخُرُوجِهِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ وَقَفَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ صَحَّ وَإِلَّا بِأَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ حُكِمَ بِلِحَاقِهِ بَطَلَ، وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ مِنْهُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: فَحَالَ ارْتِدَادٍ) مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْمِ لَا وَأَجْدَرُ أَيْ أَحَقُّ خَبَرُهَا، وَالْمَعْنَى لَا يَكُونُ الْوَقْفُ حَالَ الرِّدَّةِ أَحَقَّ بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْوَقْفِ قَبْلَهَا بَلْ ذَاكَ أَحَقُّ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ إجَارَة الْوَاقِفِ]

فَصْلٌ هَذَا الْفَصْلُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَغَصْبِهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَالدَّعْوَى بِهِ، وَالْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَزَادَ فِيهِ الشَّارِحُ فُرُوعًا مُهِمَّةً وَفَوَائِدَ جَمَّةً (قَوْلُهُ: يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ) أَيْ وَغَيْرِهَا لِمَا سَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِحِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزِدْ الْقَيِّمُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤْجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤْجِرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي، حَتَّى يُؤْجِرَهَا لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ فَلِلْقَيِّمِ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى فَقَالَ لَا تُؤَجَّره أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلِلْقَيِّمِ ذَلِكَ إذَا رَآهُ خَيْرًا بِلَا إذْنِ الْقَاضِي إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: لِفَقِيرٍ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ مِنْهُمْ الْفَقِيرَ وَالْغَائِبَ بَلْ وَمَنْ لَمْ يُخْلَقْ عِنْدَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ) فَإِنَّهُ يَحْفَظُ اللُّقَطَةَ وَمَالَ الْمَفْقُودِ وَمَالَ الْمَيِّتِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تُقَيَّدُ بِسَنَةٍ) لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا طَالَتْ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ، فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَتَصَرَّفُ بِهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ يَظُنُّهُ مَالِكًا إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ ح (قَوْلُهُ: وَبِثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الزِّرَاعَةِ فِيهَا إلَّا فِي الثَّلَاثِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلدُّرَرِ حَيْثُ قَالَ: يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً، أَوْ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهَا مُدَّةً يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الزِّرَاعَةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ إجَارَةَ الضِّيَاعِ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَإِنْ آجَرَ أَكْثَرَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بَلْخٍ لَا يَجُوزُ وَقَالَ غَيْرُهُمْ: بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبْطِلَهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اهـ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الثَّلَاثِ بِلَا تَفْصِيلٍ تَأَمَّلْ وَأَنَّ مُخْتَارَ الْفَقِيهِ جَوَازُ الْأَكْثَرِ، وَلَكِنْ لِلْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>