إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ زَمَانًا وَمَوْضِعًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ يَعْقِدُ عُقُودًا فَيَكُونُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ لَازِمًا لِأَنَّهُ نَاجِزٌ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ مُضَافٌ.
ــ
[رد المحتار]
إبْطَالُهَا أَيْ إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْوَقْتِ، ثُمَّ رَأَيْت الشُّرُنْبُلَالِيُّ اعْتَرَضَ عَلَى الدُّرَرِ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْمَتْنَ عَنْ ظَاهِرِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى إطْلَاقِ الْمَتْنِ كَمَا أَطْلَقَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا الْعَلَّامَةُ قَنَالِي زَادَهْ فِي رِسَالَتِهِ أَحَدُهَا: قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَدَمُ تَقْدِيرِ الْإِجَارَةِ بِمُدَّةٍ وَرَجَّحَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالْمُفْتَى بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ الْوَقْفِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ) هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّمَانِيَةِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الدُّورِ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ، وَفِي الضِّيَاعِ يَجُوزُ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ وَاخْتِلَافِ الزَّمَانِ اهـ وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَتْنِ لِأَنَّ أَصْلَ عُدُولِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِعَدَمِ التَّوْقِيتِ إلَى التَّوْقِيتِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَقْفِ فَإِذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ الزِّيَادَةَ أَوْ النَّقْصَ اُتُّبِعَتْ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ.
وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ مَا فِي الْإِسْعَافِ: دَارٌ لِرَجُلٍ فِيهَا مَوْضِعُ وَقْفٍ بِمِقْدَارِ بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي شَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ اسْتِئْجَارَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً قَالُوا إنْ كَانَ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْلَكٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجَّرَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ جَازَ اهـ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا لَمْ تَحْصُلْ عِمَارَةُ الْوَقْفِ إلَّا بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُؤَجِّرهُ أَكْثَرَ اهـ أَيْ إذَا اُحْتِيجَ إلَى عِمَارَتِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ مُدَّةً طَوِيلَةً بِقَدْرِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ. [تَنْبِيهٌ]
مَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّقْيِيدِ مَا إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ غَيْرَ الْوَاقِفِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ آجَرَ الْوَاقِفُ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ وَانْتَقَلَ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ اُنْتُقِضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ اهـ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ أَرْضُ الْيَتِيمِ وَأَرْضُ بَيْتِ الْمَالِ فِي حُكْمِ أَرْضِ الْوَقْفِ
ثُمَّ إنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ فِي حُكْمِ أَرْضِ الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمُصَنِّفُ كَذَا أَرْضُ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَقَالَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى إنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ (قَوْلُهُ لَوْ احْتَاجَ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْإِيجَارِ إلَى مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَنْ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ عِمَارَةُ الْوَقْفِ إلَّا بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: يَعْقِدُ عُقُودًا) أَيْ عُقُودًا مُتَرَادِفَةً كُلُّ عَقْدِ سَنَةٍ بِكَذَا خَانِيَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الدَّارِ أَمَّا فِي الْأَرْضِ فَيَصِحُّ كُلَّ عَقْدِ ثَلَاثِ سِنِينَ. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: آجَرْتُكَ الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ بِكَذَا وَآجَرْتُكَ إيَّاهَا سَنَةَ خَمْسِينَ بِكَذَا وَآجَرْتُكَ إيَّاهَا سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ بِكَذَا وَهَذَا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ. مَطْلَبٌ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ الْمُضَافَةِ تَصْحِيحَانِ
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا) أَيْ لَا يَكُونُ لَازِمًا وَأَرَادَ بِالثَّانِي مَا عَدَا الْعَقْدَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا عَدَاهُ مُضَافٌ لَكِنْ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمُضَافَةَ تَكُونُ لَازِمَةً فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَيْضًا اعْتَرَضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute