للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: لَكِنْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَأَقَرَّهُ قَدْرِي أَفَنْدِي وَسَيَجِيءُ فِي الْإِجَارَةِ

(وَيُؤَجَّرُ) بِأَجْرِ (الْمِثْلِ) فَ (لَا) يَجُوزُ (بِالْأَقَلِّ)

ــ

[رد المحتار]

قَاضِي خَانْ قَوْلَهُمْ إنْ احْتَاجَ الْقَيِّمُ إلَى تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ يَعْقِدُ عُقُودًا مُتَرَادِفَةً بِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُمْلَكُ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ: أَيْ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ بِمَا عَجَّلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ مُفِيدًا لَكِنْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ قَنَالِي زَادَهْ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ لُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ مُصَحَّحَةٌ أَيْضًا وَبِأَنَّ قَاضِيَ خَانْ نَفْسَهُ أَجَابَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ عَنْ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: لَكِنْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مِلْكَ الْأُجْرَةِ عِنْدَ التَّعْجِيلِ فِيهِ رِوَايَتَانِ: فَيُؤْخَذُ بِرِوَايَةِ الْمِلْكِ هُنَا لِلْحَاجَةِ، وَهَذَا يُنَافِي دَعْوَاهُ الْإِجْمَاعَ هُنَا.

قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ اللُّزُومِ تَأَيَّدَتْ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْفَتْوَى، أَيْ فَتَكُونُ أَصَحَّ التَّصْحِيحَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى فِي التَّصْحِيحِ أَقْوَى، لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ اللُّزُومِ هُنَا لَا تَنْفَعُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ فَيَرْجِعُ بِمَا عَجَّلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي هُنَا تَرْجِيحُ رِوَايَةِ اللُّزُومِ لِلْحَاجَةِ نَظِيرُ مَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ فِي رِوَايَةِ الْمِلْكِ. مَطْلَبٌ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ بِعُقُودٍ

(قَوْلُهُ: الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ) أَيْ لِتَحَقُّقِ الْمَحْذُورِ الْمَارِّ فِيهَا، وَهُوَ أَنَّ طُولَ الْمُدَّةِ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.

قُلْت: لَكِنْ الْكَلَامُ هُنَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ لِحَاجَةِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ بِتَعْجِيلِ أُجْرَةِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٍ يَزُولُ الْمَحْذُورُ الْمَوْهُومُ عِنْدَ وُجُودِ الضَّرَرِ الْمُتَحَقِّقِ فَالظَّاهِرُ تَخْصِيصُ بُطْلَانِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ بِمَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ جَعْلُهَا حِيلَةً لِتَطْوِيلِ الْمُدَّةِ فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت ط نَقَلَ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ بَعْضَ الصَّكَّاكِينَ أَرَادُوا بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ إبْقَاءَ الْوَقْفِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّا نُبْطِلُهَا صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ اهـ مُلَخَّصًا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ إبْطَالَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا فَافْهَمْ.

مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ إيجَارُ الْوَقْفِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بِالْأَقَلِّ) أَيْ لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ كَمَا يَأْتِي قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ شَرْطُ إجَارَةِ الْوَقْفِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ أَوْ كَانَ دَيْنٌ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِمُرْصَدٍ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ

قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِمَّا عَزَاهُ لِلْأَشْبَاهِ جَوَازُ إجَارَةِ الدَّارِ الَّتِي عَلَيْهَا مَرْصَدٌ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمَرْصَدَ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِعِمَارَةِ الدَّارِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ فَإِذَا زَادَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِهَذِهِ الْعِمَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>