وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إلَّا بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ أَوْ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ إلَّا بِأَقَلَّ أَشْبَاهٌ (فَلَوْ رَخُصَ أَجْرُهُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ) لِلُزُومِ الضَّرَرِ (وَلَوْ زَادَ) أَجْرُهُ (عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ
ــ
[رد المحتار]
الَّتِي صَارَتْ لِلْوَقْفِ لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ النَّاظِرُ إيجَارَ هَذِهِ الدَّارِ لِمَنْ يَدْفَعُ ذَلِكَ الْمُرْصَدَ لِصَاحِبِهِ لَا يَرْضَى بِاسْتِئْجَارِهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا الْآنَ لَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِلُزُومِ الْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ مَالٌ وَأَرَادَ النَّاظِرُ دَفْعَ الْمُرْصَدِ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ لَا شَكَّ فِي لُزُومِ الزِّيَادَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَعِبَارَةُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ مُسْتَحِقٍّ لِوَقْفٍ عَلَيْهِ هُوَ نَاظِرُهُ آجَرَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ، فَأَجَابَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِمَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالْأُجْرَةِ اهـ أَيْ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ، فَيَضُرُّ بِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَرُبَّمَا يَتَضَرَّرُ الْوَقْفُ أَيْضًا الْآنَ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّعْمِيرِ وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتُفْسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ اهـ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهَا لَا تُفْسَخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ عَلَى أَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا هُوَ فِي إبْقَائِهَا بِالْإِجَارَةِ الْقَلِيلَةِ لَا فِي فَسْخِهَا لِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ تُؤَجَّرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَتَضَرَّرُ أَحَدٌ تَأَمَّلْ، وَلَا يَجُوزُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ لِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ) هُوَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ إسْعَافٌ أَيْ مَا يَقْبَلُونَهُ وَلَا يَعُدُّونَهُ غَبْنًا. مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إلَّا الْإِقَالَةُ
(قَوْلُهُ: لَا يَفْسَخُ الْعَقْدَ) أَيْ لَوْ طَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَهُ لَا يُجِيبُهُ النَّاظِرُ لِلُزُومِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَقْفِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ لَهُ الْإِقَالَةُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ. مَطْلَبٌ فِيمَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ أَجْرُهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ أَيْ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَقَيَّدَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ الزِّيَادَةَ بِالْفَاحِشَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ نَقْضِهَا بِالْيَسِيرَةِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا كَمَا مَرَّ فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ، وَالْوَاحِدُ فِي الْعَشَرَةِ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ دَارٍ عَشَرَةً مَثَلًا وَزَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا وَاحِدًا فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ كَمَا لَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي بِتِسْعَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الطَّرَفَيْنِ اهـ.
قُلْت: لَكِنْ نَقَلَ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفَاحِشَةَ مِقْدَارُهَا نِصْفُ مَا آجَرَ بِهِ أَوْ لَا اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَرُدُّ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ. نَعَمْ فِي إجَارَاتِ الْخَيْرِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَدْرُ الْخُمُسِ، وَهُوَ عَيْنُ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ آجَرَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ بِقَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ جَاءَ آخَرُ وَزَادَ فِي الْأُجْرَةِ دِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ فَهُوَ يَسِيرٌ حَتَّى لَوْ آجَرَ بِثَمَانِيَةٍ وَأَجْرُ مِثْلِهِ عَشَرَةٌ لَا تَنْفَسِخُ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخُمُسَ قَلِيلٌ فِي طَرَفَيْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ لَكِنْ فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلُّ فَلَوْ أَكْثَرَ فَلَا، ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْحَيَوَانِ الْعُشْرُ وَفِي الْعَقَارِ الْخُمْسُ، وَمَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ، وَوَجْهُهُ كَثْرَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْعُرُوضِ وَقِلَّتُهُ فِي الْعَقَارِ وَتَوَسُّطَهُ فِي الْحَيَوَانِ وَكَثْرَةُ الْغَبْنِ لِقِلَّةِ التَّصَرُّفِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ بَحْثَ الْبَحْرِ هُنَا، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ. وَانْظُرْ مَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute